للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السائل عبد الله بن عبد العزيز العبد الله من الرياض يقول إذا كان الوقت بارداً وهطلت أمطار وأراد جماعة المسجد جمع المغرب مع العشاء هل تلزم النية للإمام والمأمومين في ذلك أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذا السؤال له جانبان:

الجانب الأول الجمع بين المغرب والعشاء من أجل المطر والبرد ونحوهما وهذا لا شك أن القول الصواب فيه هو جواز الجمع لهذه الأمور التي تشق على المسلمين لأن حديث ابن عباس رضي الله عنهما صريحٌ في ذلك حيث أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة من غير خوفٍ ولا مطر فإن قوله ولا مطر يدل على أنه كان من المعتاد عندهم الجمع من أجل المطر وسئل ابن عباسٍ رضي الله عنهما عن ذلك فقال أراد أن لا يحرج أُمته أي أن لا يلحقها الحرج في أداء صلاة الجماعة وهذا هو الموافق لروح الدين الإسلامي الذي قال الله تعالى عنه في معرض آيات الصيام (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) وقال سبحانه وتعالى (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ) فالحاصل أنه يجوز الجمع لأجل المطر الذي يلحق به مشقة وكذلك لأجل الريح الباردة التي يلحق الناس بها مشقةٌ إذا خرجوا إلى المسجد وإذا جاز الجمع فالعبرة بوجود السبب ولا يشترط النية وهذا هو الجانب الثاني من السؤال على القول الراجح فمتى وجد السبب وإن لم ينووا الجمع عند تكبيرة الإحرام للصلاة الأولى فإن الجمع يسوغ لهم وعلى هذا فلو طرأ العذر في أثناء الصلاة الأولى كما لو هطلت أمطار أثناء صلاة المغرب فإنه يجوز لهم أن يجمعوا بين المغرب والعشاء وإن لم يكونوا قد نووا الجمع وإن لم يكن السبب قد وجد عند افتتاح الصلاة الأولى بل إنه على القول الصحيح الذي نرى أنه أصح وأن العبرة بوجود السبب لو لم ينووا إلا بعد السلام فإنه يجوز لهم الجمع إذ لا علاقة بين الصلاتين بالنية ولهذا لا تبطل إحداهما ببطلان الأخرى حتى نقول لا بد من نية القرن بينهما وإنما المدار كله على وجود السبب وعلى هذا فإذا سلموا من صلاة المغرب مثلاً وقد هطلت أمطار في أثناء الصلاة وأرادوا أن يجمعوا العشاء إليها فإن هذا لا بأس به على القول الراجح.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>