للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بارك الله فيكم هذه المستمعة رمزت لاسمها بـ ن. ك. هـ. من الرياض تقول أرجو أن توضحوا لي في هذه الرسالة ما يلي عندما كنت في الإعدادية نذرت أن أصوم شهراً كاملاً إذا أكرمني الله ونجحت بمجموع جيد ونجحت والحمد لله بالمجموع الذي كنت أتمناه ودخلت الثانوية العامة ونجحت ودخلت الجامعة وحصلت على ليسانس وتزوجت وكان زواجي موفقاً والحمد لله وذلك منذ سنة وخمسة أشهر ولم أنجب أطفالاً بعد تقول هل ممكن أن أصوم الشهر على فترات حيث إن صوم شهر كامل يصعب علي وهل من الممكن أن أنفق مالاً أي أتصدق عن كل يوم أو ماذا أفعل أرشدوني مأجورين؟

فأجاب رحمه الله تعالى: قبل الإجابة على هذا السؤال أود أن أقول إن النذر مكروه بل إن بعض أهل العلم حرمه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه وقال (إنه لا يأتي بخير) ولأن كثيراً من الناذرين يتعبون مما نذروا وربما يدعون ما نذروا لمشقته عليهم وما أكثر ما يحصل من الندم للناذرين الذين ينذرون شيئا معينا كانوا يستبعدونه أو كانوا حريصين عليه جداً فينذرون لله سبحانه وتعالى إن يسره لهم أن يصوموا أو أن يتصدقوا أو ما أشبه ذلك فأقول إنه ينبغي للإنسان أن يعرف حدود ما أنزل الله على رسوله وأن ينتهي عما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تنذر أيها الأخ المستمع لا تنذر أبداً لا لشفاء مريض ولا لحصول مطلوب ولا لغير ذلك اسأل الله التيسير وأحسن الظن بالله والله سبحانه وتعالى لا يحتاج إلى شرط تجعله له إذ أنعم عليك لجلب منفعة أو دفع مضرة بل يحتاج منك إلى الشكر والاعتراف لله تعالى بالجميل والاستعانة بما أعطاك على طاعته هذه نصيحة أوجهها إلى كل مستمع أن يدعوا النذور لئلا يلزموا أنفسهم بما هم منه في عافية ولئلا يأخذهم الكسل فيما بعد فيتهاونوا بما نذروا فتصيبهم العقوبة العظيمة التي ذكرها الله تعالى في قوله (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ (٧٥) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٧٦) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) فانظر كيف عاقب الله هؤلاء الذين عاهدوه على أن يتصدقوا ويكونوا من الصالحين حين ما لم يوفوا بما عاهدوا الله عليه أعقبهم الله نفاقاً وفي قلوبهم إلى يوم يلقونه أي نفاقاً قلبياً في العقيدة وليس نفاقاً عملياً بل هو نفاق قلبي عقدي إلى أن يموتوا وهذا وعيد شديد والعياذ بالله فيمن عاهد الله على شيء ومن ذلك النذرفإن النذر معاهدة بين الإنسان وبين ربه ولم يف له بما عاهد الله عليه أما فيما يتعلق بسؤال هذه السائلة فإننا نقول يلزمها أن تصوم شهراً كما نذرت فإن كان نيتها حينما نذرت أن يكون متتابعاً لزمها أن يكون متتابعاً وكذلك إن كانت قد شرطت ذلك بلسانها فقالت شهراً متتابعاً أما إذا لم يكن هناك شرط ولا نية فإن لها أن تفرقه فتصوم يوماً وتفطر يوماً أو تصوم يوم وتفطر يومين أو تصوم يومين وتفطر يوماً حسب ما يتيسر لها ذلك حيث إنها لم تشترط بلسانها التتابع ولم تنوه بقلبها.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>