للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضاً يقول إذا وقع حادثٌ لا قدر الله ذلك وكان أحد المصابين قد مات نتيجة الحادث وكان السائق القاتل لا يقصد ذلك فهل يحاسب هذا السائق أمام ربه يوم القيامة مع العلم بأنه قتل روح جعلكم الله من عباده الراشدين أفيدونا جزاكم الله خير؟

فأجاب رحمه الله تعالى: هذه المسألة من المسائل الهامة التي ابُتلي الناس بها بسبب التهور في قيادة السيارات والسرعة وعدم المبالاة بمخالفة الأنظمة التي تقيد الناس والضابط فيها أنه إذا كان من السائق تعدٍ أو تفريط فإن عليه ضمان ما تلف بسبب الحادث وكفارته إن كان فيه كفارة والتعدي أن يفعل ما لا يجوز والتفريط أن يترك ما يجب فلو فُرض أن هذا القائد الذي يقود السيارة يعلم أن فيها خللاً ولكن تهاون في إصلاحه ثم حصل الحادث نتيجة لهذا الخلل فإن عليه الضمان وذلك لأنه فرط في تلافي هذا الخطر كذلك أيضاً لو أن هذا القائد اعتدى بأن سقط أو اتجه إلى المسار الذي لا يسمح له النظام في السير فيه ثم حصل الحادث من جراء هذه المخالفة فإن عليه الضمان لأنه كان معتدياً أما إذا كان الحادث نتيجةً لتصرفٍ مأذونٍ فيه شرعاً فإن ذلك لا ضمان فيه مثل أن يكون القائد انحرف ليتفادي خطراً يعتقد أن هذا الانحراف أقرب إلى السلامة من البقاء في مساره فإنه في هذه الحال لا ضمان عليه فيما تلف من هذه السيارة في هذا الحادث أعني أنه لا يضمن الركاب الذين فيها أو الأموال التي تلفت فيها لأنه تصرف للمصلحة فهو محسن وقد قال الله تعالى (مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) لكن في هذه الحال لو أنه بانحرافه هذه انقلب على شيء فأتلفه أتلف هذا الشيء الذي انقلب عليه فإنه يضمنه يضمن ما تلف بسبب هذا الانقلاب لأن تصرفه هذا ليس من مصلحة ما انقلب عليه فيكون ضامناً له ويتضح ذلك أكثر بالمثال هذا الرجل لما انحرف تفادياً للخطر وسلوكاً لما يراه أسلم ثم انقلب فكان تحت السيارة إنسانٌ يمشي في الشارع فمات وفي السيارة إنسان في انقلاب السيارة أيضاً مات الذي كان في السيارة هذا الرجل لا يضمن لأن السائق أو القائد إنما تصرف لمصلحته فهو محسن وما على المحسنين من سبيل وأما الرجل الذي في الشارع الذي انقلبت عليه هذه السيارة فإن صاحب السيارة يضمنه لأنه تلف نتيجةً لفعله الذي لا مصلحة لهذا التالف فيه.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>