السائلة أي ش تقول نحن عائلة وزوجي يعمل في الصباح براتب بسيط لا يكفي إيجار الشقة التي نعيش فيها ويعمل في آخر النهار على حسب رزق الله له حتى نؤكل منه الأولاد وربما جاءه رزق في يوم وأحياناً يمر عليه اليوم واليومان والأسبوع لا يأتي له رزق وفي كثير من الأحيان كنا لا نجد ما نطعمه الأولاد وكنا نتعفف ولا يشعر بنا أحد ولا يعرف أحد بأننا فقراء ولنا أصدقاء أثرياء لا يعرفون أننا فقراء ولا يعرفون فقراء يعطونهم زكاة أموالهم وسألتني ذات يوم واحده منهن إن كنت أعرف أحد الفقراء ممن يستحق الزكاة زكاة المال ولكن بشروط أن يكون ملتزمين بالصلاة وبالحجاب الشرعي وهذه الشروط تنطبق علينا وقلت لهم نعم وقصدت العائلة أي عائلتنا وأناس آخرين فقراء نعرفهم وكانت تعطينا راتب شهري لكل عائلة من الفقراء مبلغ بسيط وأخذت منهم على أننا عائلة من الفقراء وطلبت صاحبة المال أن نعرف اسم لكل عائلة نأخذ منها هذا المال وبعض البيانات عن العائلة مثل العدد وغير ذلك لتحدد لكل عائلة مبلغ مناسب وذكرت لها عائلتنا وبينت لها بأسماءنا لأننا غير مشهورين لأنني أستحي أن تعرف بأننا فقراء فهل علي إثم في ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم عليك إثم في هذا لأن الواجب أن تقولي الحق ولا ضرر على الإنسان أن يبين حاله فإن الله تعالى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وقد قال الرجل الذي أصاب أهله في رمضان وأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه ماذا يجب عليه فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه يجب عليه أن يعتق رقبة فإن لم يجد صام شهرين متتابعين فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينا وكل هذا يقول الرجل لا أستطيع ثم جلس الرجل فجيء إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بتمر فقال (خذ هذا تصدق به فقال أعلى أفقر مني فوالله يا رسول الله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال أطمعه أهلك) فهذا الرجل وصف نفسه بأنه ما من أهل بيت بين لابتيها أفقر منه بحضرة الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يقل له شيئاً فالواجب إذا أُعطيتم مالاً للفقراء أن تصرفوه لغيركم وإذا كنتم مستحقين أن تقولوا لمن أعطاكم أعلى مستحق أحق منا كما قال هذا الرجل ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني ولا حرج عليكم في هذا وما حصل منكم من قبل فأخبروا الآن الذي أعطاكم بأنكم أخذتموه نظراً لكونكم مستحقين له وثقي بأن هؤلاء الذين أعطوكم لا يعارضون ما تصرفتم به وفي غالب ظني أنكم إذا أخبرتموهم سوف يسمحون لكم عن ما مضى وسوف يحسبون حسابكم في المستقبل وتكون على بينة وعلى برهان وإنني بهذه المناسبة أقول إن الوكيل والولي والوصي والناظر لا يحل لهم أن يتصرفوا فيما هم عليه بما فيه حظ لأنفسهم فالوكيل هو الذي يتصرف للإنسان بإذنه في حياته مثل أن أوكل شخصاً يشتري لي سيارة فيقيد سيارته لي ويعطيني إياها ولا يخبرني بالواقع هذا حرام عليه أو إنسان أعطيته دراهم وكلته ليوزعها على الفقراء وهو فقير فيأخذ منها بلا إذني هذا حرام عليه لأنني لو أردت لقلت خذ أو قلت خذ هذه وزعها الفقراء وإن كنت محتاجاً فخذ منها. والوصي هو الذي يوصى إليه بعد موت الموصِي مثل أن يقول ثلثي على فلان فهذا الرجل الذي هو الوصي لا يجوز أن يأخذ شيئاً من المال الذي هو وصي عليه ولو قرضاً وبعض الناس يجهل هذا الأمر يكون بيده مال ثلث فإذا احتاج أخذ منه قرضاً ليرده وهذا حرام حتى إن كان واثقاً من نفسه أنه سيرده لأنه لا يدري عن المستقبل قد تختلف الأمور فيفتقر وقد يموت فيضيع حق الموصِي وأما الناظر فهو المتصرف في الوقف مثل أن يقول الإنسان وقفت هذا البيت ويذكر الجهة التي وقفها عليها ثم يقول والناظر فلان فهذا الناظر لا يحل له أن يتصرف في هذا الوقف بشيء فيه حظ له لأنه مؤتمن. وأما الولي وهو الرابع ممن يتصرف في مال غيره فهو ولي اليتيم أو السفيه أو ما أشبه ذلك فهذا أيضا لا يحل له أن يتصرف في مال من هو ولي عليه لحظ نفسه فلو قال ولي اليتيم أنا عندي لهؤلاء الأيتام عشرة آلاف ريال وأنا محتاج إلى خمسة آلاف ريال أستقرضهن وأردها قلنا هذا حرام عليك لا يجوز وإنني بهذه المناسبة أود أن أرشد إخواني الكُتَّابْ الذين يكتبون الوصايا فإن كثير منهم يقول في كتابته: أوصى فلان بثلث ماله يصرف في كذا وكذا وكذا والوكيل فلان هذه العبارة لو أخذناها بظاهرها لكن الموصي إذا مات بطلت الوصية لأن الوكيل إذا مات الموكل انعزل عن الوكالة لكن نعلم أن الكاتب أراد بقوله والوكيل فلان أراد به الوصي وعلى هذا فينبغي للكُتَّاب الذين يكتبون الوصايا أن يقولوا والوصي على ثلثي فلان بن فلان بدلاً عن والوكيل لأن هذا هو تحرير العبارة المطابق لما ذكره أهل الفقه والمطابق لواقع الحال أيضاً والخلاصة أنه لا يجوز للإنسان أن يتصرف فيما وُكِّلَ فيه بشيء فيه حظ لنفسه فمن أعطي مالاً للفقراء وهو فقير فإنه لا يأخذ منه إلا بعد إذن من أعطاه المال.