[يقول الطالب في جامعة الملك عبد العزيز والدي يحتاجني في عمله وحاجة أهلي وأخي الأكبر في مدينة أخرى يطلب العلم، وأنا أريد أن أذهب إلى الجهاد ولم يرض أحد من الوالدين فهل يحق لي الذهاب مع العلم أن أخي يقدر أن يقوم مقامي بترك دراسته؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يحل لك أن تذهب إلى الجهاد وأهلك محتاجون إليك ومانعوك من السفر إلى الجهاد بل حتى وإن لم يحتاجوا إليك فإذا لم يأذنوا لك فإنه لا يحل لك أن تذهب إلى الجهاد لأن بر الوالدين أفضل من الجهاد في سبيل الله كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث عبد الله بن مسعود قال (سألت النبي صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال الصلاة على وقتها قلت ثم أيّ؟ قال بر الوالدين قلت ثم أيّ؟ قال الجهاد في سبيل الله) فقدم النبي صلى الله عليه وسلم بر الوالدين على الجهاد في سبيل الله وأما أخوك فإن تفرغه لطلب العلم فيه خير كثير وأمر عظيم وطلب العلم كالجهاد في سبيل الله لأن الله تعالى جعله عديلاً له في قوله (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) فجعل الله التفقه في الدين معادلاً للجهاد في سبيل الله وغزو المسلمين ليس بالسلاح فقط وإنما هو بالسلاح والفكر والخلق والغزو بالفكر لا يقاوم إلا بالعلم والأخلاق أيضاً لا تقاوم إلا بالعلم والاستقامة وربما يكون غزو الأعداء من سنين غزواً فكرياً أعظم فتكاً من السلاح المادي لأن النوع الأول من الغزو غزو يدخل بدون استئذان ويحتل بدون قتال فهو أنكى وأعظم من الجهاد المسلح بالسلاح المادي والمسلمين يجب عليهم هذا وهذا ولهذا قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدْ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجاهد المنافقين بالسلاح المادي ولم يؤمر به، وإنما يجاهد المنافقين بالسلاح العلمي والبيان والإرشاد فسفر أخيك لطلب العلم وتغربه لطلب العلم لا شك أنه خير كثير أما أنت فالخير لك أن تبقى عند أهلك وأن تقوم ببر والديك وإذا كان لديك مال فجاهد بمالك لأن الجهاد بالمال كالجهاد بالنفس بل هو قرينه في كتاب الله عز وجل.