[بارك الله فيكم هذه رسالة وصلت من محمد أحمد من السودان المستمع يقول في سؤاله هل تجوز الموعظة بعد الدفن بعد دفن الميت نشاهد بعض الإخوان يقوم بالحديث أو بتقديم موعظة بعد الانتهاء من الدفن وهل ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم الموعظة قبل الدفن أو بعد الدفن نرجو بهذا إفادة؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: لا أعلم في هذا سنة عن النبي عليه الصلاة والسلام إذا دفن الميت قام يعظ الناس ولكنه صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل) هذا هو الذي ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام وغاية ما خرج عن الموعظة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم في جنازة رجل من الأنصار فأنزله إلى القبر ولما يلحد يعني لم يتم لحده فجلس الناس وجلس النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حوله وجعل ينكت بعود في يده الأرض ثم حدثهم عليه الصلاة والسلام عن حال الإنسان واحتضاره هذا هو غاية ما سمعت من الموعظة ومن المعلوم أن هذه ليست موعظة مقصودة بذاتها وإنما لما كانوا جالسين ينتظرون لحد القبر وعظهم النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس معهم موعظة جالس كالمتحدث وليس قائماً يعظ بصوت مرتفع كأنه خطيب وهنا فرق بين هذا وهذا وفرق بين الشيء العارض وبين الشيء الدائم المستمر قد يقول قائل إن الناس في هذه الحال وعند دفن هذا الميت وفي المقبرة أقرب إلى لين القلب وقبول الموعظة فينبغي أن نستغل هذا الموقف فيقال هذا طيب ولكن ما دمنا لم نجد سلف لنا في هذه المسألة من النبي صلى الله عليه وسلم ولا من أصحابه وهم أحرص الناس على بذل النصيحة وعلى تحري المواقف التي تكون فيها النصيحة أنفع وأنجع فإنه لا ينبغي لنا أن نتقدم بمثل هذا فالمهم أننا نعرف الفرق بين الشيء الراتب والدائم الذي يقوم الإنسان كأنه خطيب بين الناس يعظ يتكلم وبين الشيء العارض يتحدث فيه الإنسان تحدث الجالس ولهذا نقول لو أن الناس جلسوا ينتظرون لحد القبر وإصلاحه وما أشبه ذلك وتكلم أحد بما يلين القلب فإن هذا بلا شك لا بأس به فيجب التفريق بين الشيء العارض والدائم والشيء الذي يكون بصفة خطيب واعظ والشيء الذي يكون بصفة متحدث يتحدث إلى من حوله حديث الجالس إلى جلسائه.