يقول السائل هناك شخص أقرض شخصاً مبلغاً من المال ومضى عليه عدة سنوات ولم يتمكن هذا الشخص الذي اقترض المبلغ من تسديده فهل يجوز لصاحب المبلغ أن يحتسبه من الزكاة التي يقوم بدفعها وذلك كل عام عن المال الذي عنده؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا يجوز للإنسان أن يسقط الدين عن الفقير ويحتسبه من الزكاة لأن الزكاة أخذٌ وإعطاء قال الله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً) وقال الله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) فلا بد من أخذٍ وإعطاء والإبراء من الدين ليس أخذاً ولا إعطاءً ولأن الدين بالنسبة للعين كالرديء مع الطيب فإن الأموال التي في يدك تتصرف فيها كما تشاء ليست كالديون التي في ذمم الناس فإذا جعلت الديون التي في ذمم الناس زكاةً عن المال الذي في يدك صرت كأنك أخرجت رديئاً عن طيب وقد قال الله تبارك وتعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) ومن المعلوم أن الناس يفرقون فيما لو كان على الإنسان طلبٌ لشخص فأعطاه من ماله نقداً أو أحاله على شخصٍ فقير كلٌ يعرف الفرق فهو يأخذ منك النقد لكن لا يقبل منك أن تحيله على فقير إذاً فلا يجوز للإنسان أن يسقط شيئاً من الديون التي على الفقراء ويحتسبها من زكاة ماله الذي بيده إلا إن قلنا بوجوب الزكاة في الدين الذي على المعسر فله أن يسقط عن هذا المعسر مقدار زكاة الدين الذي عليه مثال ذلك لو كان عند شخص فقير عشرة آلاف لرجلٍ غني وقلنا إن الدين الذي على المعسر فيه زكاة وأراد صاحب المال أن يسقط عن هذا الفقير مقدار زكاة دينه الذي عليه وهو مائتان وخمسون لكان هذا جائزاً لأن الزكاة الآن صارت من جنس المال المزكى كله الذي هو دين لكن القول الراجح في زكاة الديون أن الديون التي على الموسرين فيها زكاة كل عام وأما الديون التي على المعسرين فليس فيها زكاة ولو بقيت عشرات السنين إلا أن الإنسان إذا قبضها زكاها عند قبضها.