لقد كان لي صديق عزيز لكنه انتقل إلى رحمة الله تعالى وبعد أن توفي رحمه الله فقطعت عهداً على نفسي بأن لا أذهب إلى بيت أهله وأقسمت على ذلك لكنني بعد إلحاح من أهله وجدت نفسي مضطراً للذهاب إليهم مرة واحدة وبعدها قررت أن لا أذهب أبدأ فهل علي كفارة لما فعلت وهل يجوز لي أن أذهب إليهم أفيدوني جزاكم الله خيرا؟
فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب تضمن سؤاله كلمة أحب أن أنبه عليها وهي قوله انتقل إلى رحمة الله وهذه الكلمة لها وجهان الوجه الأول أن يكون جازماً بأن هذا الرجل انتقل إلى رحمة الله والوجه الثاني أن يكون راجياً أن يكون هذا الرجل انتقل إلى رحمة الله فأما الأول فإنه لا يجوز لنا أن نجزم لأحد بأنه في الجنة أو في النار إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم كما قرر ذلك أهل السنة في عقائدهم فقالوا لا نشهد لأحد بجنة ولا نار إلا لمن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم لكننا نرجو للمحسن ونخاف على المسيء وأما إذا كان الإنسان راجياًًً أن هذا الرجل انتقل إلى رحمة الله فإن الرجاء بابه واسع ولا حرج عليه في ذلك ومثله قولهم فلان رحمه الله إن كان خبراً فإنه شهادة ولا يجوز وإن كان دعاء ورجاء فلا بأس به ومثله قولهم فلان المغفور له أو المرحوم إن كان خبراً فإنه لا يجوز لأنك لا تعلم ولا تشهد بذلك وإن كان رجاء ودعاء فإنه لا بأس به أما الجواب على سؤاله وهو أنه أخذ على نفسه عهداً وأقسم أن لا يذهب إلى أهل صديقه هذا وبعد إلحاح ذهب إليهم مرة واحدة ثم ترك الذهاب فإن عليه في هذه الحال أن يكفر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة إلا إذا كان قد قرن يمينه بالمشيئة فقال والله إن شاء الله فإنه لا يحنث في يمينه ولا كفارة عليه وحينئذٍ يذهب إلى أهل هذا الميت وتكفيه كفارته الأولى.