[هذه الرسالة وردتنا من جمهورية مصر العربية، وبعث بها المستمع لبرنامج نور على الدرب سليمان عبد الغفار عبد المجيد يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين على النفس والكفار والمشركين. أما بعد فأنا أشكركم على برنامج نور على الدرب، وأتمنى لكم أعظم أجر من الله العزيز الحكيم. يقول: إنني أتوجه إلى الشيوخ الأفاضل بهذه الأسئلة: إننا يوجد عندنا أغلب الناس يصومون ويصلون ويحجون ويزكون ويقولون: لا إله إلا الله، ولكن- والعياذ بالله- يجعلون قبور الصالحين واسطة بينهم وبين الله، ويقول: إنهم يشدون لهم الرحال، ويعملون حفلات فوق القبور، ويأخذون الأطفال والنساء، ويذبحون الكثير من الغنم والماعز، ويحلفون بهذه الأوثان. فهل نأكل من هذه الذبائح وهم يذكرون الله عليها؟ نرجو التوجيه منكم لنا ولهم وفقكم الله.]
فأجاب رحمه الله: هذه الذبائح إذا كان المقصود بها التقرب إلى هؤلاء الأموات فهي مما ذبح لغير الله، فلا يحل أكلها ولو ذكروا اسم الله عليها؛ لأنها داخلة في قوله تعالى:(وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) ، فحرام عليكم أن تأكلوا منها شيئاً. أما بالنسبة لهم فإن عملهم هذا إشراك بالله عز وجل؛ لأن التقرب بالذبح من خصائص الله سبحانه وتعالى، أي: من الأمور المختصة به لا يجوز صرفها لغيره؛ لأنها من العبادة، كما قال الله تعالى:(قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) . وعلى هذا فيجب على العلماء أن ينصحوا أولئك الجهال، وأن يبينوا لهم أن هذا من الشرك بالله، وأن الشرك بالله لا يقبل الله معه عملاً؛ لأن الله تعالى قال:(إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) . ولا يجوز للعلماء العالمين بأحوال هؤلاء, العالمين بأحكام ما يفعلونه، لا يجوز لهم السكوت؛ لأن السكوت في مثل هذه الحال إقرار لهم على هذا الشرك، والعامة متعلقون بالعلماء، والعلماء مسؤولون عنهم، وهم- أعني: العلماء- ورثة الأنبياء في العلم والعمل والدعوة إلى الله عز وجل، وسيسألهم الله عز وجل يوم القيامة عما علموا:(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ) . فالحاصل أنه إذا كان الأمر كما وصف السائل شائعاً كثيراً بين الناس فما ذلك إلا لتقصير أهل العلم في بيان الحق، وإلا فلو أن أهل العلم بينوا للعامة حكم صنيعهم هذا لكان العامة أقرب شيء إلى الامتثال والانقياد ونسأل الله تعالى لنا ولهم التوفيق، وأن يعيننا على أداء ما حملنا بمنه وكرمه.