بارك الله فيكم هذه رسالة من علي عبده من جهورية مصر العربية يقول أنا شاب مصري أعمل بالمملكة متزوج منذ عامين ولي ابنة ووالد زوجتي لا يصلى لكنه غير منكر بأن الصلاة فرض من فروض الإسلام مع أن زوجته متدينة وملتزمة بقواعد الدين الإسلامي وآدابه وبالطبع فقد كان والدها وكيلاً لها أثناء الزواج فهل يكون هذا الزواج صحيحاً والعقد صحيحاً وإذا لم يكن الزواج صحيحاً فماذا أفعل أفيدوني بارك الله فيكم؟
فأجاب رحمه الله تعالى: صحة الزواج بعقد هذا الولي الذي لا يصلى تنبني على اختلاف أهل العلم في تارك الصلاة فمن قال إن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة وإن كان مقراً بوجوبها فإنه يرى أن العقد في هذه الحال لا يصح وأنه يجب عليك أن تعيد العقد على زوجتك من جديد لأن الكافر لا يصح أن يكون ولياً للمسلمة، ومن رأى أن تارك الصلاة مع إقراره بوجوبها لا يكفر كفراً مخرجاً عن الملة فإن هذا العقد عنده صحيح إلا عند من يرى أنه يشترط في الولي العدالة فإن العقد أيضاًَ ليس بصحيح لأن هذا الولي ليس بعدل بل هو فاسق من أفسق الفاسقين والعياذ بالله والقول الراجح في هذه المسألة أن تارك الصلاة تركاً مطلقاً كافر كفراً مخرجاً عن الملة وذلك لدلالة الكتاب والسنة وأقوال الصحابة رضي الله عنهم والنظر الصحيح على كفره.
فمن أدلة الكتاب قوله تعالى عن المشركين (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ووجه الدلالة من هذه الآية أن الله تعالى اشترط لكون المشركين إخوة لنا في الدين ثلاثة شروط التوبة من الشرك وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فإذا تخلفت هذه الشروط أو واحد منها لم تتحقق الأخوة في الدين والأخوة في الدين لا تنتفي إلا بما يخرج عن الملة فالمعاصي لا تخرج الإنسان من الأخوة في دين الله ودليل ذلك أن من أعظم المعاصي قتل نفس المؤمن وقد سمى الله تعالى القاتل أخاً للمقتول في قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ) وقوله تعالى (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ) وقتال المؤمن لأخيه من أعظم المعاصي والفسوق إذن فمن لم يصل فليس بأخ لنا في دين الله فيكون كافراً وأما قوله تعالى (وَآتُوا الزَّكَاةَ) فهذا الشرط الثالث قد دلت السنة على أنه لا يكفر من تخلف هذا الشرط في حقه فإن النبي صلى الله عليه وسلم حين ذكر عقوبة مانع الزكاة قال (ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار) وكونه يرى إلى سبيله الجنة يدل على أنه لا يكفر.
ومن أدلة السنة قول النبي صلى الله عليه وسلم (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة) .
وأما أقوال الصحابة فقد قال عبد الله بن شقيق كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة وقد نقل غير واحد من أهل العلم إجماع الصحابة على أن تارك الصلاة كافر كفراً مخرجاً عن الملة وأما النظر الصحيح فلأن من عرف قدر الصلاة في الإسلام وعناية الله تعالى بها وأهميتها لا يمكن أن يدعها تركاً مطلقاً ومعه شيء من الإيمان فالقول الراجح هو أن تارك الصلاة تركاً مطلقاً لا يصلىها أبداً كافر كفراً مخرجاً عن الملة وإن كان يعتقد وجوبها وعلى هذا فإني أنصحك أن تعيد عقد النكاح الذي عقده لك هذا الرجل الذي لا يصلى حتى تكون على بينة من أمرك وتطمئن نفسك.