يقول أيضاً: ما حكم التمسك بالكعبة المشرفة، ومسح الخدود عليها، ولحسها باللسان، ومسحها بالكفوف ثم وضعها على صدر الحاج؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذا من البدع التي لا تنبغي، وهي إلى التحريم أقرب؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وغاية ما ورد في مثل هذا الأمر هو الالتزام، بحيث يضع الإنسان صدره وخده ويديه على الكعبة فيما بين الحجر الأسود والباب، لا في جميع جوانب الكعبة كما يفعله جهال الحجاج اليوم، وأما اللحس باللسان أو التمسح بالكعبة ثم مسح الصدر به أو الجسد فهذه بدعة بكل حال؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم. وبهذه المناسبة أود أن ألفت نظر الحجاج إلى أن المقصود بمسح الحجر الأسود والركن اليماني هو التعبد لله تعالى بمسحهما، لا التبرك بمسحهما، خلافاً لما يظنه الجهلة، حيث يظنون أن المقصود هو التبرك، ولهذا ترى بعضهم يمسح الركن اليماني أو الحجر الأسود ثم يمسح بيده على صدره أو على وجهه أو على صدر طفله أو على وجهه، وهذا ليس بمشروع، وهو اعتقاد لا أصل له، ففرق بين التعبد والتبرك. ويدل على أن المقصود التعبد المحض دون التبرك أن عمر رضي الله عنه قال وهو عند الحجر:(إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك) . وبهذه المناسبة أيضاً أود أن أُبين أن ما يفعله كثير من الجهلة: يتمسحون بجميع جدران الكعبة وجميع أركانها فإن هذا لا أصل له، وهو بدعة ينهى عنها. ولما رأى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما معاوية رضي الله عنه يستلم الأركان كلها أنكر عليه، فقال له معاوية: ليس شيء من البيت مهجوراً! فأجابه ابن عباس: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح الركنين اليمانيين، فرجع معاوية إلى قول ابن عباس رضي الله عنهما. فدل هذا على أن مسح الكعبة أو التعبد لله تعالى بمسحها أو مسح أركانها إنما هو عبادة يجب أن تُتبع فيها آثار النبي صلى الله عليه وسلم فقط.