يا شيخنا الفاضل كثرت الفرق الضالة في زماننا هذا ومن هذه الفرق الضالة الصوفية والتجانية حيث أن لها أنصاراً يدعون أنهم على طريقة صحيحة وأنهم على حق نرجو منكم يا شيخ محمد معالجة هذه الطرق الباطلة وإبانة الحق لأولئك المنخدعين والمغرورين بهذه الطرق الضالة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: فإن الجواب على هذا السؤال مأخوذ مما ثبت في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في خطبته أعني خطبة الجمعةكان يقول في خطبته (أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة) وللنسائي (وكل ضلالة في النار) . فهذه الطرق التي أشار إليها السائل وغيرها من الطرق الأخرى هل تنطبق على هدي النبي صلى الله عليه وسلم أو لا تنطبق فإن كانت منطبقة فهي صحيحة وهي خير الهدي وهي الطريق الموصل إلى الله عز وجل وهي الهدى والشفاء والصلاح والإصلاح والاستقامة وإن كانت مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم فهي ضلال وشقاء على أصحابها وعذاب عليهم لا يستفيدون منها إلا التعب في الدنيا والعذاب في الآخرة وكلما كانت أشد مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم كانت أكثر ضلالاً وقد تصل بعض هذه الطرق إلى الكفر البواح مثل أولئك الذين يقولون إنهم:وصلوا إلى حد يعلمون به الغيب أو أن أولياءهم يعلمون الغيب أو أن فلانا ينجي من الشدائد أو يجلب الخير أو ينزل الغيث أو ما أشبه ذلك ما يدعى لهؤلاء الذين يزعمون أنهم أولياؤهم وأئمتهم فإن الله عز وجل يقول في كتابه (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ) فمن ادعى أن أحداً يعلم الغيب فقد كذب هذه الآية الكريمة فمن ادعى أنه يعلم الغيب أو أن أحداً من الناس يعلم الغيب فقد كذب بهذه الآية الكريمة ويقول الله تعالى آمراً نبيه أن يعلن للملأ أن يقول (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ) وفي قوله تعالى (إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ) دليل على أنه صلى الله عليه وسلم عبد مأمور وقد كان صلى الله عليه وسلم كذلك أنه أعظم الناس عبودية لله وأتقاهم له وأقومهم بدين الله صلوات الله وسلامه عليه ويقول الله تعالى لنبيه محمدٍ صلى الله عليه وسلم آمراً إياه (قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) فإذا كان هذا في حق النبي صلى الله عليه وسلم فما بالك بمن دونه من الخلق بل ما بالك بمن ادعى أنهم أولياء وأنهم هداة وهم في الحقيقة أعداء وضلال وطغاة وبغاة فنصيحتي لهؤلاء ولغيرهم ممن خرجوا ببدعهم من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوبوا إلى الله عز وجل وأن يرجعوا إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم التي هي تفسير للقرآن وبيان له وليرجعوا إلى هديه صلوات الله وسلامه عليه الذي هو تطبيق لشريعة الله تماماً وإلى هدي الصحابة وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أما هذه الطرق وهذه البدع المخالفة لدين الله فإنها ضلال مهما اطمأن إليها قلب الإنسان ومهما انشرح صدره بها ومهما زينت له فإن العمل السيئ قد يزين للإنسان كما قال الله تعالى (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ) وقد ينشرح الصدر للكفر كما قال الله تعالى (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) فلا يقولن أصحاب هذه البدع إن صدورنا تنشرح بهذه البدع وإن قلوبنا تطمئن لأن هذا ليس بمقياس ولكن المقياس كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام وخلفاؤه الراشدون من الحق والهدى ولهذا أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نتبعه وأن نتبع سنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده فقال (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور) وهم أعني أصحاب هذه البدع سواء كانت في الطرق والمنهاج أم في العقيدة هم إذا رجعوا إلى الحق سيجدون سروراً للنفس ونعيماً للقلب وسلوكاً جامعاً بين القيام بحق الله وحق النفس وحق العباد أفضل مما هم عليه بكثير وسيتبين لهم أن ما كانوا عليه من قبل شر وضلال ومحنة وعذاب.