بارك الله فيكم تقول السائلة عندما نكون في مجلس وتدخل علينا امرأة نقف ونسلم عليها وذلك ليس تعظيماً لها ولكن احتراماً لها وهذه عادة منتشرة بين الناس فهل يجوز هذا العمل؟
فأجاب رحمه الله تعالى: لا حرج على الإنسان أن يقوم للداخل إذا كان الداخل أهلاً للإكرام والاحترام وقد جرت عادة الناس بذلك وترك القيام في هذه الحال قد يؤدي إلى تهمة الجالس بأنه مستكبر وقد يجعل في قلب القادم شيئاً من الضغينة حيث يعتقد كثير من الناس أنه إذا لم يقم له صاحب البيت فإن هذا إشارة إلى كراهيته لقدومه وعلى كل حال متى اعتاد الناس أن يقوموا بعضهم لبعض وعدوا ترك القيام من الإهانة فإنه لا حرج في هذه الحال أن يقوم الإنسان للداخل وقد فصّل بعض أهل العلم هذه المسألة إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول القيام إلى الرجل بتلقيه والاحتفاء به.
والثاني القيام للرجل احتراماً له وتعظيماً له.
والثالث القيام على الرجل.
فأما الأول فهو القيام إلى الرجل لتلقيه وبذل التحية له فإن ذلك لا بأس به وربما يستدل عليه بقول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار (قوموا إلى سيدكم) يعني سعد بن معاذ حينما أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم راكباً على حمار وكذلك في قصة أبي طلحة حينما قام ليتلقى كعب بن مالك رضي الله عنه عند دخوله إلى المسجد بعد توبة الله عليه وكان ذلك بحضور النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه.
وأما القيام للرجل إذا دخل احتراماً وتعظيماً له فإنه لا شك أن الأولى أن لا يعتاد الناس هذا الأمر وإن يكونوا كما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم لا يقومون للنبي صلى الله عليه وسلم مع أنه أحق الناس بالإكرام لكنه صلى الله عليه وسلم يكره أن يقوم الناس له فلو ترك الناس هذه العادة أعني عادة القيام للداخل لكان خيراً وأحسن وأقرب إلى عمل الصحابة رضي الله عنهم والسلف الصالح وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل المجلس لا يقومون له ولكنه يجلس حيث ينتهي به المجلس ويكون مكان جلوسه هو صدر المجلس وإن كان في آخر المجلس والعبرة بالداخل لا بمكان الداخل فإن الرجل الذي له احترام وتعظيم إذا جلس في أي مكان من المجلس في أسفله أو في أعلاه أو في جوانبه سوف يكون محل الصدارة للجالسين أما القيام على الرجل فإنه منهي عنه نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال (لا تقوموا كما تقوم الأعاجم على ملوكها) حتى إنه صلى الله عليه وسلم لما صلى قاعداً وقام الصحابة خلفه أشار إليهم أن اجلسوا فجلسوا وقال لهم (إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً) إلا أن يكون في القيام على الرجل مصلحة دينية فإنه لا حرج فيه بل هو مطلوب لتحقيق هذه المصلحة ودليل ذلك ما فعله الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم حين كانت المراسلة بينه وبين قريش في صلح الحديبية فإن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه كان قائماً على النبي صلى الله عليه وسلم ومعه السيف ليري رسل المشركين عزة المسلمين وتعظيمهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا خير ومطلوب وألحق بذلك بعض أهل العلم ما إذا كان الرجل يخاف عليه فقام أحد على رأسه حماية له من الاعتداء عليه.