[هل صحيح إذا قرأنا فافتتحنا على روح الميت فهل يستفيد منها أم لا وهل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع قراءة الفاتحة في المقابر ووضع أكاليل الزهور على القبور؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: أما القراءة للميت بمعنى أن الإنسان يقرأ ثم يجعل ثوابها لشخص ميت فهذه محل نزاع بين أهل العلم منهم من قال إنها تصل إليه لأنها عمل صالح مقرب إلى الله فيصل إليه ثوابها كالصدقة وقد ثبت في الصحيح أن الصدقة تصل إلى الميت بعد موته ومنهم من قال إنها لا تصل لأن الأصل أن العبادات يكلف بها فاعلها ولا تصل إلى غيره إلا ما وردت به السنة واستدلوا بقوله تعالى (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) معناه أنه لا يستحق من سعي غيره شيئاً وإنما ينتفع بسعيه هو فقط وأما إذا سعى إليه غيره فهذا شيء آخر وكذلك الحديث (انقطع عمله) ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم انقطع العمل له ولا شك أن الإنسان إذا مات انقطع عمله لكن إذا عمل له غيره فهذا شيء آخر والذي يترجح عندي أن جميع الأعمال الصالحة تصل إلى الميت من قراءة وصلاة وذكر إلا الأعمال الواجبة فإن الواجب مطالب به العبد بنفسه لا يمكن أن يجعل ثوابها لأحد هذا واحد ولكن هل من السنة أن تفعل إذا قلنا بأنها تصل إلى الميت؟ نقول لا ليس من السنة فهي من الأمور الجائز فعلها لا من الأمور المشروع فعلها ولكن إذا فعلت فتصل ولكننا لا نقول للإنسان ينبغي أن تفعل أما الدعاء للأموات فهذا مطلوب ومشروع وهذا من دأب المؤمنين (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) وأما ما ذكره من أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن وضع الزهور والأكاليل فوق القبور فلا فليس في ذلك نهي لأنه غير معروف في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأظنه متلقاً من غير المسلمين ولكن ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما هو شبيه به فقد (نهى أن يرفع القبر)(ونهى أن يجصص) لما فيه من الإشادة به ووضع الزهور شبيه بهذا فوضع الزهور على القبور من الأمور المذمومة من ناحيتين أولاً لأنها متلقاة من غير المسلمين والشيء الثاني لأنها تَشْبه ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم من تشريف القبور يعني تعليتها ومن تجصيصها لهذا ينهى عنه وأما نهيه عن قراءة الفاتحة فهذا لا أعلم فيه نهي ولكن الذي كان من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام أنه إذا خرج إلى القبور سلم عليهم ودعا لهم.