من الجمهورية العراقية محافظة دهوك المستمع رمز لاسمه بـ م ج ح يقول في رسالته هل المأموم يقرأ الفاتحة أم ينصت ويسمع القرآن كما قال الله تعالى في كتابه العزيز (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إذا كبر الإمام فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا) رواه مسلم وعلى هذا يحمل حديث (من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة) أي أن قراءة الإمام له قراءة في الصلاة الجهرية نرجو من فضيلتكم أن تبينوا هذا للإخوة المستمعين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذه المسألة وهي قراءة المأموم خلف الإمام مختلف فيها عند أهل العلم والراجح عندي فيها ما ذهب إليه الشافعي رحمه الله وجماعة من أن قراءة الفاتحة لا بد منها على كل مأموم في الصلاة السرية والجهرية لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم (لاصلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج فهي خداج فهي خداج) أي فاسدة وهذا في الصلاة عامة لم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم منها شيئاً ألا أن أصحاب السنن أخرجوا من حديث عبادة بن الصامت أن النبي صلى عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الصبح فلما انصرف قال (لعلكم تقرؤون خلف إمامكم قالوا نعم قال لا تفعلوا ألا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) وهذا يدل على أن قراءة الفاتحة واجبة حتى في الصلاة الجهرية وهو القول الراجح عندي فأما قوله تعالى (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فهو عام ومن المعلوم أن العام قد يخصص فتكون الآية هنا مخصصة بحديث عبادة بن الصامت الذي أشرنا إليه آنفاً ولا تسقط قراءة الفاتحة عن المأموم إلا إذا لم يدركها حال قيام الإمام وهو المسبوق إذا جاء والإمام راكع فإنه يكبر تكبيرة الإحرام قائماً ثم يركع بتكبيرة ثانية للركوع وإن لم يكبر فلا حرج عليه وفي هذه الحال تسقط عنه الفاتحة ودليل ذلك حديث أبي بكرة رضي الله عنه حين جاء والنبي عليه الصلاة والسلام راكع فأسرع ثم ركع قبل أن يدخل في الصف ثم دخل في الصف فلما سلم النبي عليه الصلاة والسلام وسأل من فعل ذلك فقال أبو بكرة أنا فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (زادك الله حرصاً ولا تعد) أي لا ترجع إلى مثل هذا العمل ومراده صلى الله عليه وسلم ألا يرجع إلى الإسراع والركوع قبل أن يصل إلى الصف لا ألا يرجع إلى دخوله مع الإمام إذا أدركه راكعاً بدليل أن النبي عليه الصلاة والسلام قال (إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) فإن قوله فإن (ما أدركتم فصلوا) يعم مثل هذه الصورة أي يعم إذا جاء والإمام راكع فإنه يركع ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكرة أن يقضي تلك الركعة التي أدرك فيها الركوع وهو دليل على أن الفاتحة في مثل هذه الحال تسقط عن المأموم وهو الحق وعلى هذا فنقول إن قراءة الفاتحة واجبة على كل مصلى إماماًَ كان أو مأموماًَ أو منفرداًَ وفي الصلاة الجهرية والسرية إلا إذا أدرك الإمام راكعاً أو أدركه قائماً لكنه لم يقرأ الفاتحة حتى ركع الإمام وخاف أن يفوته الركوع ففي هذه الحال تسقط عنه.