للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[هذه المستمعة من الرياض تقول: فضيلة الشيخ الكتب التي تنصحوننا بقراءتها في مجال الزهد؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: لا شيء أحسن من كتاب الله عز وجل في باب الزهد، ولا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. والزهد له مفهومان: مفهوم شرعي، ومفهوم عرفي. فالمفهوم الشرعي: أن الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، وليس المراد به أن يترك الإنسان الدنيا كلها ويتقشف، ويكون في بيته لا يعرف ولا يُعرف، بل أن يترك ما لا ينفعه في الآخرة، ولو عمل أعمالاً دنيوية، ولو خالط الناس، ولو ماشاهم. وأما الزهد العرفي: فهو التقشف، وكون الإنسان لا يتمتع بما أحل الله له وإن كان نافعاً له في الآخرة، وكونه يقتصد على نفسه وينزوي في بيته، وهذا الزهد ليس مشروعا، ً ولا يؤجر الإنسان عليه؛ لأنه قد يضيع فيه واجبات كثيرة، وقد يحرم نفسه من مباحات كثيرة لغير سبب، والإنسان الذي يحرم نفسه من المباحات التي أباحها الله بلا سبب شرعي يعد مذموماً لا ممدوحاً. لهذا ينبغي أن نقول لهذه السائلة ولغيرها: يجب أن نعرف معنى الزهد أولاً حتى نبحث عن الكتب التي تعين على الزهد أو التي تبين الزهد، فالزهد قاعدته -كما أشرت إليه -ترك ما لا ينفع في الآخرة، فممارسة شيء من أمور الدنيا هو نافع في الآخرة لا يخرج به الإنسان عن الزهد، والانطواء على النفس وعدم الاختلاط مع الناس وكون الإنسان يتقشف ويمتنع مما أحل الله له، ليس هذا بالزهد المحمود، بل هو من الزهد المذموم.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>