للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فضيلة الشيخ هناك بعض الإخوة في بعض المساجد يجهرون بقراءة القرآن قبل الصلاة مما يشوش على المصلىن فما الحكم في ذلك؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: القرآن يجوز للقارئ أن يقرأه سراً ويقرأه جهراً وفي كل منهما خير ويفعل الإنسان ما هو أنشط له وأخشع فإذا كان الأنشط له والأخشع أن يقرأ سراً قرأ سراً وإن كان الأنشط والأخشع أن يقرأ جهراً قرأ جهراً هذا ما لم يكن في صلاة فإن كان في صلاة فليتبع في ذلك ما جاءت به السنة من إسرار أو جهر وهذا أيضاً ما لم يكن حوله من يشوش عليهم لو جهر أو يؤذيهم فإن كان حوله من يشوش عليهم لو جهر أو يؤذيهم فإنه لا يجهر لأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يصلون أوزاعاً ويجهر بعضهم فقال عليه الصلاة والسلام (كلكم يناجي ربه يعني في صلاته فلا يجهر بعضكم على بعض في القرآن أو قال في القراءة) هذا الحديث صححه ابن عبد البر رحمه الله وبناء عليه فإن هؤلاء الذين يقرؤون القرآن قبل إقامة الصلاة ويجهرون جهراً يشوشون به على غيرهم يُنهون عن ذلك وهم إلى الإثم أقرب منهم إلى السلامة فإن كتاب الله عز وجل لم يجعل لإيذاء الغير وإنما هو قربة إلى الله سبحانه وتعالى بشرط ألا يحصل به أذية على إخوانه المسلمين ومن المعلوم أن الناس يأتون أرسالاً إلى المسجد فمنهم من يأتي بعد الأذان بمدة ومنهم من يأتي بعد الأذان بأقل من ذلك ويشرعون في النافلة تحية المسجد أو غيرها وإذا كان حول المصلى أحد يرفع صوته فإنه يشوش عليه بلا شك ويحول بينه وبين الخشوع في صلاته لا سيما إذا كان صاحب الصوت حسن القراءة والأداء فإنه يأخذ بلب السامع حتى يشغله عما هو بصدد الإقبال عليه ولهذا فإني أنصح إخواني المسلمين المحبين للخير من هذا العمل الذي يؤذون به غيرهم.

وبهذه المناسبة أود أن أذكّر بعض إخواننا من الأئمة الذين يرفعون الصلاة من مكبر الصوت على المنارات فإن هذا يحصل به أذية على من حولهم من المساجد وعلى من حولهم في البيوت فالمساجد المتقاربة يشوش بعضها على بعض إذا رفعت الصلاة من على المنارات حتى إننا سمعنا أن بعض المصلىن في مساجدهم إذا سمعوا قراءة من كان حولهم انشغلوا بها عن الاستماع إلى قراءة إمامهم قد يكون لحسن أداء القارئ أو لقوة صوته أو لغير ذلك مما يحصل وسمعت أن بعض الناس ركع لمّا سمع تكبير المسجد الذي حوله يظن أن ذلك إمامه ولا شك أن مثل هذه الأذية التي تخل بصلاة الآخرين لا شك أن الإنسان قد يأثم بها لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجهر الناس بعضهم على بعض في القرآن كما أنه قد يؤذي جيران المسجد من أهل البيوت فقد يكون في البيت من هو نائم مستغرق في النوم من أهل البيت ومن يكون مريضاً وقد يكون قد استراح ورقد فيستيقظ بصوت هذا القارئ وأقول إن من أهل البيوت من يكون نائماً ممن لا صلاة عليهم مثل المرأة الحائض مثلاً أو ممن أدى الصلاة من أول ما سمع الأذان ثم رقد وإلا فمن المعلوم أنه لا يحل لأحد تلزمه الجماعة أن ينام عن صلاة الجماعة في بيته ويدع المسجد وإني أكرر النصيحة لإخواني في هذه المسألة وأقول لهم انظروا في المصالح وانظروا في المفاسد ما هي المصلحة التي تعود إلى الإمام أو إلى المصلىن خلفه أو إلى الناس في كون الصلاة ترفع من على المنارة أي مصلحة في ذلك قد يكون في ذلك مفسدة قد يكون بعض الكسالى يبقون في بيوتهم حتى تكون آخر ركعة فإذا لم يبق إلا ركعة جاء يركض ويسعى سعياً شديداً وربما يدرك هذه الركعة وربما لا يدركها وقد اشتكى إليّ بعض الناس بهذا وقالوا إننا نأمر أولادنا بالصلاة فيقولون الإمام في أول الصلاة انتظروا حتى يأتي الوقت الذي ندرك به الجماعة فالواجب على الإنسان أن يتّبع في عمله ما كان أنفع له ولغيره وأن يدرأ ما فيه الضرر ويبتعد عنه وأما ما يظنه بعض الناس من الفائدة في هذا العمل من كونه شعيرة من شعائر الإسلام وما أشبه ذلك فنقول إن الشعيرة التي ينبغي إعلانها هي الأذان وقد حصل وأما الصلاة فإنها عبادة تختص بالإمام وبمن خلف الإمام فقط وأما الخارج عن المسجد فلا علاقة له بها اللهم إلا ما ذكرت من كونه ينتظر آخر ركعة ثم يحضر وهذا ليس فيه فائدة بل فيه مضرة والعاقل إذا دار فعله بين الإثم أو السلامة فلا شك أنه سوف يدع هذا العمل أو يدع هذا الفعل إذا كان فيه إما سالماً وإما آثماً فكل أحد يختار أن يسلك سبيل السلامة.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>