للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[علي صالح حسن السلمي من جدة يقول أوقف رجلا أرضا لولي وقد جعل في كل سنة مولدا لذلك الولي الآن قد ترك عمل المولد والواقف توفي فهل يبقى هذا الوقف على ما كان عليه أو يصرف إلى أي جهة أخرى أو يقسم على الورثة أفيدونا ماذا علينا أن نعمل فيه بارك الله فيكم؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: الجواب على هذا السؤال يكون في شيئين الشيء الأول زكاة الأوقاف وما ينبغي للإنسان أن يجعل مصرفا لوقفه فالوقف لا ريب أنه مما يقصد به وجه الله سبحانه وتعالى ولهذا قال أهل العلم إنه إذا كان على جهة عامة فلابد أن يكون على بر أي على طاعة وعلى هذا فإني أوجه إلى إخواني الذين يريدون أن يوقفوا شيئا من أموالهم أن يحرصوا على أن تكون جهة المصرف جهة مشروعة محبوبة لله سبحانه وتعالى ليكون وقفهم وقف بر يثابون به عند الله سبحانه وتعالى وأحذرهم من أن يوقفوا وقف جنف وإثم مثل ما يفعله بعض الناس يوصي بوقف في شيء من ماله على بعض ورثته والوصية لا تنفذ إلا بعد الموت من الثلث ولا تجوز لوارث وذلك لأن الوصية لوارث من تعدي حدود الله عز وجل حيث أنه سبحانه وتعالى قدر لكل وارث ما يستحقه من تركة الموروث فلو أوصى لأحدهم بشيء صار في ذلك متعديا لحدود الله سبحانه ولهذا توعد الله من تعدى حدوده حين ذكر آية المواريث فقال (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) وإذا كان الأمر كذلك وهو أنه ينبغي للموقف أن يجعل وقفه في أمر يكون برا وطاعة فإن أحسن ما أرى أن توقف الأموال على المصالح العامة كالمساجد تعميرها وصيانتها وتوفير ما تحتاج إليه من فرش وبرادات ماء ومكيفات ونحو هذا أو في طباعة الكتب النافعة السليمة في العقيدة والمنهاج حتى يكون ذلك داخلا في الجهاد في سبيل الله لأن الجهاد في سبيل الله كما يكون بالسيف والسنان يكون كذلك بالقلم والبيان هذه مسألة أما المسألة الثانية في الجواب على هذا السؤال فإن الواقف لم يبين كيفية الوقف هل جعله خاصاً لمولد هذا الولي فقط أو أنه جعله وقف بر ويخرج منه شيء لهذا المولد فإن كان الأول فالوقف ليس بصحيح لأن الجهة التي صرفه إليها ليست جهة بر فإن أعياد الموالد ليست من الأمور المشروعة بل هي من الأمور البدعية التي لم يكن عليها رسول الله صلى الله وسلم ولا خلفاؤه الراشدون ولا أصحابه ولا الأئمة المهديون من بعدهم وعلى هذا فلا يكون هذا الوقف صحيحا أمنا إذا كان الوقف على جهة بر وفيه هذا النوع مما يصرف إليه فإن الوقف يبقى صحيحا ولا يصرف في هذا النوع ويصرف في أعمال بر أخرى هذا هو الجواب على هذا السؤال.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>