للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[من جده مدرسة تقول طلبت الطلاق من زوجي لعدم الوفاق في حياتنا الزوجية فرفض فهل يجوز أن أنفصل بحياة أولادي عنه دون الطلاق حيث إنني لا أستطيع أن أوديه حقوقه الزوجية.]

فأجاب رحمه الله تعالى: الواجب على كل من الزوجين أن يعاشر صاحبه بالمعروف لقول الله تعالى (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (البقرة: من الآية٢٢٨) ولقوله تعالى (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (النساء: من الآية١٩) وهنا نقول في جواب هذه السائلة إذا كان الخطأ من الزوج هو الذي فرط فيما يجب عليه نحوك ولم يقم به أو اعتدى على ما لم يحل له منك أنت فانتهكه فلك الحق في أن تطلبي الطلاق إذا لم تتمكني من الصبر عليه وإن كان الأمر بالعكس وكان الخطأ منك أنت التي فرطت في حق الزوج فلا يحل لك أن تفرطي في حقه أو تعتدي في حقه ولا يحل لك أن تطلبي الطلاق أيضاً لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس حرام عليها رائحة الجنة)

وإما إذا كان الأمر لا منك ولا منه ولكن يوجد في قلبك كراهة له شديدة لا يمكن أن تبقي معه فلا حرج عليك في هذه الحال أن تطلبي الطلاق فإن امرأة ثابت بن قيس بين شماس رضي الله عنه جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت يا رسول الله ثابت بن قيس لا أعيب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام أي أكره أن أكفر حقه ولا أقوم به فطلبت رضي الله عنها الفراق فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم (أتردين عليه حديقته) قالت نعم فقال النبي صلى الله عليه وسلم له أي لثابت (اقبل الحديقة وطلقها تطليقة) فهذا حكم طلب المرأة الطلاق أما بقاؤها مع زوجها ولكن لا تقوم بحقه فهذا حرام عليها إلا إذا كان ذلك في مقابلة الزوج الذي لا يقوم بحقها فإن للمرأة إذا منع زوجها حقها أن تمنعه من حقه بقدر ما منعها من حقها لقوله تعالى (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) (البقرة: من الآية١٩٤) ولقوله تعالى (وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) (النحل: من الآية١٢٦) لكن إذا صارت حال الزوجين على هذا الوصف فإن الواجب السعي في الإصلاح بينهما بحيث يسعى رجال ذووا دين وخلق من أقارب الزوجين لينظروا في الأمر ويصلحوا بينهما لقوله تعالى (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا) نسأل الله التوفيق وأن يجمع بين كل زوجين بخير

***

<<  <  ج: ص:  >  >>