فأجاب رحمه الله تعالى: في هذه الآية يخاطب الله تعالى المؤمنين بوصف الإيمان فيقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) وخاطبهم بهذا الوصف لحثهم على تلقي ما يأتي إليهم من أوامر أو نواه ولهذا يروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال إذا سمعت الله يقول يا أيها الذين أمنوا فأرع لها سمعك فإما خيراً تؤمر به وإما شراً تنهى عنه، فينادي الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين ويقول لهم (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى) وهذا قبل تحريم الخمر فقد كان الناس في أول الأمر يشربون الخمر ثم حرمت، وكان الرجل يشرب الخمر ثم يصلى فيأتي يما يأتي به السكران من أقوال لا تحل في الصلاة أو أفعال فنهاهم أن يقربوا الصلاة وهم سكارى، ونهاهم أيضاً أن يقربوا الصلاة وهم جنب إلا عابري سبيل وهذه الآية تنطبق تماماً على المسجد لأنه محل الصلاة فلا يحل للمرء أن يبقى في المسجد ويمكث فيه وهو جنب إلا أن يكون عابر سبيل أي إلا إذا كان ماراً بالمسجد فإن ذلك لا بأس به مثل أن يدخل المسجد وهو على جنابة ليأخذ كتاباً له في المسجد أو ليعبر من باب إلى باب أو ما أشبه ذلك، ورخص كثير من أهل العلم للجنب إذا توضأ أن يمكث في المسجد، وقوله تعالى حتى تغتسلوا أي غسل الجنابة وهو معروف، (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ) يعني إذا كان الإنسان مريضاً ولم يتمكن من الغسل، أو كان مسافراً ولم يجد ماءً فإنه يتيمم أي يقصد أرضاً طيبة طاهرة فيضرب يديه عليها ويمسح بهما وجهه وكفيه وبذلك تتم طهارته، ويصلى بهذا التيمم كما يصلى بطهارة الماء تماما، حتى يجد الماء فإذا وجد الماء عاد فتطهر به.