للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول المستمع في هذا السؤال الرسول صلى الله عليه وسلم حث على التبكير لصلاة الجمعة فهل هذا يشمل إمام الجمعة علماً بأن الخطباء لا يأتون إلا عند موعد حلول الخطبة وهل يفوته فضيلة التبكير للمسجد علماً أنه يبكر للجمعة قبل تعيينه إماماً للجامع؟

فأجاب رحمه الله تعالى: الحث على التبكير للجمعة إنما يكون للمأمومين فقط أما الإمام فإن السنة في حقه أن لا يأتي إلا عند صعوده إلى المنبر وما يفعله بعض الإخوة من أئمة الجوامع الذين يتقدمون إلى المسجد ويجلسون حتى يحين وقت الخطبة هو اجتهادٌ منهم لكنه اجتهادٌ غير مصيب بل الصواب هدي النبي عليه الصلاة والسلام وما كان عليه من الحق فالسنة في حق الإمام في الجمعة أن يتأخر إلى وقت صعود المنبر والخطبة ثم الصلاة وهذا أفضل من تقدمه لأن ما وافق السنة فهو أفضل على كل حال أما بالنسبة للمأموم فينبغي له أن يبكر ويغتسل في بيته ويتطيب ويتنظف ثم يأتي إلى المسجد ويصلى ما كتب له ثم إن رأى أن الأنفع له أن يستمر في الصلاة حتى يحضر الإمام فليفعل وإن رأى من نفسه مللاً وأن الأنفع له أن يجلس ويقرأ القرآن فليفعل لأن القراءة خيرٌ والصلاة خير والمقصود بالأعمال الصالحة هو صلاح القلب فما كان أصلح للقلب وأنفع وأوفق للشرع فهو أفضل (فمن راح بعد اغتساله في بيته إلى الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن ومن راح في الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الخامسة فكأنما قرب بيضة) وهذه الساعات الخمس توزع من طلوع الشمس إلى مجيء الإمام وطولها وقصرها يختلف باختلاف الوقت فتطول في زمن الصيف وتقصر في زمن الشتاء وإنني بهذه المناسبة أحث إخواني المسلمين على أن يأتوا في يوم الجمعة بما ينبغي لهم أن يأتوا به وأن لا يحرموا أنفسهم الخير الكثير بإضاعة الوقت والتسكع بالأسواق وتضييع الوقت بالكلام الفارغ فإن يوم الجمعة يومٌ عظيم أضل الله عنه اليهود والنصارى وهدى هذه الأمة إليه فلا ينبغي لهذه الأمة أن تضيع فرصة الثواب فيه كما أنبه إخواني الحريصين على التقدم أن يحذروا أن يكون تقدمهم بعصيهم أو مناديلهم كما يفعله بعض الناس تجده يضع منديله أو عصاه في الصف الأول ثم يذهب إلى بيته يتمتع بدنياه أو إلى دكانه للبيع والشراء فإذا قارب مجيء الإمام جاء إلى المسجد فإن هذا حرام ولا يحل لهم لأنهم يتحجرون أمكنةً غيرهم أولى بها منهم فإن المكان للمتقدم ببدنه لا للمتقدم بعصاه ومنديله ثم إنهم يأتون أحياناً والصفوف قد اكتملت فيتخطون رقاب الناس ويؤذونهم وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام (أنه رأى رجلاً يتخطى رقاب الناس فقال له اجلس فقد آذيت) .

***

<<  <  ج: ص:  >  >>