[تقول هذه السائلة إن بعض الأخوات يقلن بأنه لا شيء في أن تذكر المرأة الأخرى في غيبتها بما تتصف به سواء كان ذلك من حسن في خلقها أو سوء في خلقها؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: أما الثناء على المرء بما هو متصف به في غيبته فهذا طيب وحسن وأما القدح فيه بما يتصف به فهذا حرام لأنه من الغيبة، والغيبة من كبائر الذنوب وقد نهى الله تعالى عنها في كتابه ومثلها بأبشع صورة فقال جل وعلا (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ) وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الغيبة فقال (هي ذكرك أخاك بما يكره) فلا يجوز وصف المرء بما يكره في غيبته إلا إذا كان ذلك على سبيل النصح للمخاطب فلا بأس بذكر ما يكرهه من صفاته لنصح الآخر ومثال ذلك أن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها استشارت النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة من المسلمين خطبوها وهم أبو جهم ومعاوية وأسامة بن زيد فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أما أبو جهم فضرَّاب للنساء وفي رواية فلا يضع العصا عن عاتقه إشارة إلى كثرة ضربه للنساء وأنه يضربهن بالعصا أو إشارة إلى أنه كان كثير الأسفار لأن المسافر غالبا ولا سيما فيما سبق حيث السفر على الإبل يحمل العصا وأما معاوية فصعلوك لا مال له انكحي أسامة بن زيد) فوصف النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا جهم ومعاوية بما يكرهان أن يوصفا به لكن هذا من باب النصيحة وعلى ذلك يحمل ما يوجد في تاريخ الأمم وكتب رجال الحديث من القدح في الشخص لأن ذلك من باب النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.