فأجاب رحمه الله تعالى: أنواع التوسل الجائزة كثيرة شرعية، منها: التوسل إلى الله تعالى بأسمائه على سبيل العموم، ومنه حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في دعاء الهم والغم:(أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أوعلمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك) ، فهذا توسل إلى الله تعالى بأسمائه كلها ما علمنا منها وما لم نعلم. والثاني: التوسل إلى الله تعالى باسم خاص يكون مناسباً للمطلوب، كقول القائل: اللهم يا غفور يا رحيم يا كريم اغفر لي وارحمني وتكرم علي، وما أشبه ذلك، وهذا مما جاء في السنة، فإن أبا بكر رضي الله عنه قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: قل: (اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم) ، فهنا دعاء وتوسل:(اغفر لي مغفرة من عندك وارحمني) دعاء و (إنك أنت الغفور الرحيم) توسل إلى الله تعالى بهذين الاسمين المناسبين لما دعا به الداعي، وهو أيضاً توسل إلى الله تعالى بصفته، أي بصفة من صفاته في قوله:(ولا يغفر الذنوب إلا أنت) . الثالث: التوسل إلى الله تبارك وتعالى بصفة من صفاته، كما في حديث الاستخارة:(اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم) إلى آخره، وكما في القراءة على المريض:(أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر) ، وكما في قوله:(اللهم برحمتك أستغيث) وما أشبه ذلك. الرابع: التوسل إلى الله تعالى بأفعاله، أن يتوسل إلى الله تعالى في طلب حاجة من الحاجات بفعلٍ فعله سبحانه وتعالى نظير ما طلب، ومنه: اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صلىت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. الخامس: التوسل إلى الله تبارك وتعالى بذكر حال الداعي، وأنه محتاج ومضطر إلى الله، كما في قول موسى عليه الصلاة والسلام:(رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) ، فهنا سأل الله تبارك وتعالى بوصف حاله، وأنه محتاج مفتقر إلى الله تبارك وتعالى. السادس: التوسل إلى الله تبارك وتعالى بدعاء من ترجى إجابته، أي: أن يدعو لك من ترجى إجابته، ومنه توسل الصحابة بدعاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما ذكرناه آنفاً، ومنه قول عمر رضي الله عنه حين استسقى:(اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. فيقوم العباس فيدعو فيسقون) . هذه أنواع كلها جائزة.