فأجاب رحمه الله تعالى: أولاً يجب أن نعلم أن كلمة تعزية معناها تقوية يعني تقوية المصاب على تحمل المصيبة والصبر عليها وعلى هذا فمن مات له ميت ولم تلحقه مصيبة بموته لا يعزى يعزى على أي شيء؟! ومن مات له ميت وأصيب به وحزن عليه فإنه يعزى سواء كان من أقاربه أو أصدقائه أو زملائه أو أهل بلده المهم أن نعلم أن هذا الرجل حزن لفراق هذا الميت فإننا نعزيه ما معنى نعزيه؟ أي نأتي بكلمات يتعزى بها ويستعين بها على الصبر ومن أحسن ذلك ما ورد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال لإحدى بناته وعندها صبي في النزع قال (فلتصبر ولتحتسب فإن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى) لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى هذا فيه أكبر تعزية فلتصبر يعني على المصيبة ولتحتسب يعني ثوابها عند الله عز وجل فإن لله ما أخذ وله ما أعطى تفويض الأمر إلى الله له ما أخذ وله ما أعطى، الخلق كله ملك لله عز وجل فلماذا نحزن أن تصرَّف في ملكه كما شاء كل شيء عنده بأجل مسمى يعني معناه شيء مؤجل لا يمكن تغييره الحزن لا يرد غائباً ولا يحي ميتاً كل شيء بأجل مسمى محدد لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون هذه الكلمات العظيمة إذا وردت على قلب مصاب اطمأن قال إن صبرت واحتسبت أثبت على الصبر وعلى الاحتساب وإن نظرت إلى أن الملك ملك الله يتصرَّف فيه كما شاء اقتنعت هذا ملكه يفعل ما يشاء وإذا علمت أن كل شيء مؤجل علمت أن هذا الذي مات لا يمكن أن يتقدم ولا يتأخر لابد أن يقع الأمر كما كتب فيتسلى بهذا ويخف عليه الحزن وربما إذا تكرر هذا الدعاء من أشخاص يزول الحزن بالكلية إذن أحسن ما يعزى به هذا الكلام اصبر واحتسب لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى وإذا قال كلمات أخرى مما يناسب مثل أن يقول هذه هي الدنيا ونحن صائرون إلى ما صار إليه ولم يخلد أحد وما جعل الله لبشر الخلد وما أشبه ذلك فأرجو أن لا يكون به بأس ولو اقتصر على الوارد لكان فيه خير أما بالنسبة للمعزَّى فيقول جزاك الله خيراً وأعاننا وإياك على الصبر وما أشبه ذلك من الكلمات المناسبة.