[بارك الله فيكم يا شيخ محمد تحية السلام شعيرة عظيمة الحقيقة يتهاون فيها كثير من الناس إذا مر بإخوانه تجده إما لا يرد أو يرد بصوت خافت لعل لكم توجيه في هذا اللقاء؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: توجيهنا في هذا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم) وأخبر صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن من حق المسلم على أخيه إذا لقيه أن يسلم عليه فالسلام سنة مؤكدة من سنن الدين الإسلامي ولذلك لا ينبغي للمسلمين أن يدعوا هذه السنة وهذه الشعيرة العظيمة التي هي من أجل خصائص الإسلام ثم إن المُسلِّم إذا سلَّم أدى حق أخيه وأتى بما يوجب المحبة الذي بها كمال الإيمان وبالإيمان الكامل يحصل دخول الجنة ثم إنه يؤجر على السلام. إذا قال السلام عليك فله عشر حسنات وإذا قال ورحمة الله عشرون وإذا قال وبركاته ثلاثون فكيف يحرم نفسه هذا الأجر العظيم مع أنه لو قيل له إذا سلمت أعطيناك درهما واحدا لرأيته يسلم على كل من لقيه بل ربما يتردد عليه ويردد السلام من أجل أن يحصل على زيادة دراهم فكيف بالحسنات التي يكون الإنسان محتاجا إليها أحوج ما يكون في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم وإذا سلم الإنسان فليكن السلام بالطريقة الشرعية يعني بمعنى أن يقول السلام عليكم لا أن يقول مرحبا أهلا حياكم الله صبحكم الله بالخير بل يقول السلام عليكم ثم يزيد ما شاء الله من ألفاظ التحية والراد عليه يجب أن يقول عليكم السلام ولا يكفي أن يقول أهلا ومرحبا أو حياكم الله أو ما أشبه ذلك وإذا قال حياكم الله كيف أصبحتم وكيف أنتم لو قالها ألف مرة لا يجزئ بل عليه أن يقول عليكم السلام أو وعليكم السلام ومهما لقيت من المسلمين فسلم عليهم حتى لو كان على معصية لو فرض أنك لاقيت شخصا حالق للحيته وحلق اللحية حرام أو مسبل ثوبه وإسبال الثوب حرام فسلم عليه لأنه مؤمن لم يخرج من الإيمان وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام) ثم إن الهجر لهؤلاء هل يخفف من المعصية بمعنى أن المهجور هل سينتقد نفسه ويدع ما هو عليه من المعصية أو أنه في الغالب لا يزيد الأمر إلا شدة وكراهية فنكون هنا تحملنا إثما إلى إثم الهجر ولذلك نقول إن الهجر دواء أعني هجر أهل المعاصي دواء إن نفع فافعله وإن لم ينفع فلا تفعله ولعل قائلاً يقول إن كعب بن مالك رضي الله عنه وعن صاحبيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرهم وعدم كلامهم لأنهم تخلفوا بلا عذر عن غزوة تبوك فيقال هذا الهجر حصل به خير كثير ونفع عظيم فإنهم رضي الله عنهم ندموا أشد الندم ورجعوا عما هم عليه وتابوا بنص القرآن فإذا حصل أن الهجر ينفع ويوجب أن يتوب المهجور فنعم الهجر هو وإلا فإنه لا يهجر الإنسان ولو كان مجاهرا بالمعصية لكن يسلم عليه وينصح ومع السلام عليه والنصيحة ربما يلين قلبه ويألف من نصحه ويأخذ بنصيحته هذا بالنسبة للمسلم العاصي أما الكافر فإنه لا يجوز ابتداؤه بالسلام مهما كان فلا تبدأه بالسلام حتى لو كان رئيسا للجهة التي أنت تعمل فيها فلا تسلم عليه ابتداءاً لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه) لكن قد يبتلى الإنسان بكافر نصراني أو غير نصراني يكون رئيسا على الجهة التي هو فيها فماذا يصنع إذا دخل عليه وهو يريد منه حاجة؟ إن دخل ولم يتكلم إلا بحاجته عرف ذاك أنه يكيد له وإن سلم وقع فيما نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام فنقول إذا اضطر إلى أن يتحدث معه بالتحية فليقل صباح الخير يا فلان أو مرحبا أو ما أشبه ذلك من الكلمات التي ليست دعاء له بالسلامة أو يقول السلام ويحذف البقية وينوي بقوله السلام يعني علينا وعلى عباد الله الصالحين حتى لا يقع فيما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.