للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أحسن الله إليكم مجموعة من الشباب يقولون في هذه الرسالة كنا محرمين وفي طريقنا إلى مكة شربنا الشاي والقهوة وكان في القهوة زعفران فهل يلزمنا شيء؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: إذا كان ذلك عن جهل منهم فإنه لا يلزمهم شيء وإذا كان عندهم شك في هل هذا زعفران أو لا فلا يلزمهم شيء وإن تيقنوا أنه زعفران وقد علموا أن المحرم لا يجوز أن يشرب القهوة التي فيها الزعفران فإنه إن كانت الرائحة موجودة فقد أساءوا وإن كانت غير موجودة وليس فيه إلا مجرد لون فلا حرج عليهم في هذا وإنني بهذه المناسبة أود أن يعلم إخواننا المستمعون أن جميع محظورات الإحرام إذا فعلها الإنسان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فلا شيء عليه لا إثم ولا فدية ولا جزاء فلو أن أحداً قتل صيداً في الحرم أو بعد إحرامه وهو لا يدري أنه حرام أو يدري أن قتل الصيد حرام لكن لا يدري أن هذا الصيد مما يحرم صيده فإنه لا شيء عليه كذلك لو أن رجلاً جامع زوجته قبل التحلل الأول يظن أنه لا بأس به فلا شيء عليه وهذا ربما يقع في ليلة مزدلفة بعد الانصراف من عرفة فإن بعض العوام يظنون أن معنى الحديث (الحج عرفة) أنه إذا وقف الإنسان بعرفة فقد انتهى حجه وجاز له أن يمارس محظورات الإحرام فيجامع زوجته ليلة مزدلفة ظناً منه بأن الحج انتهى فهذا ليس عليه شيء لا فدية ولا قضاء ودليل هذا قوله تبارك وتعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالى (قد فعلت) وقوله تبارك وتعالى (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) وقوله تبارك وتعالى في الصيد (وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) وفي الصيام قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) وفي صحيح البخاري (عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها قالت أفطرنا في يوم غيم يعني في رمضان ثم طلعت الشمس ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالقضاء) لأنهم كانوا جاهلين وفي الصلاة تكلم معاوية بن الحكم رضي الله عنه جاهلاً أن الكلام يبطل الصلاة فلما انصرف من صلاته جاءه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال له (إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التكبير وقراءة القرآن) أو كما قال صلى الله عليه وسلم ولم يأمره بالإعادة فهذه القاعدة العامة التي مَنَّ الله بها على عبادة تشمل كل المحرمات إذا فعلها الإنسان ناسياً أو جاهلاً أو مكرهاً فليس عليه إثم وليس فيها فدية ولا كفارة.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>