[المستمع يقول إنه يعمل مع رجل يصر على ارتكاب بعض المخالفات ولا يعبأ بالنصيحة وقد أحضرت له بعض الكتب الشرعية عله يستنير بها ولكن دون جدوى فهل أترك العمل معه رغم ندرة العمل عندنا أم أن نصحي وإرشادي له قد يجعله يتراجع عن معاصيه نرجو النصيحة والإرشاد؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: النصيحة في هذا الشأن يمكن أن نوجهها إليك وإليه أما بالنسبة لك فالواجب عليك أن تتابع النصيحة ما دمت ترجو أن يكون لها أثر في إصلاح هذا الرجل ولا تمل ولا تسأم ولا تيأس فإن الباب قد لا ينفتح في أول محاولة وينفتح في المحاولة الثانية أو الثالثة أو الرابعة أو أكثر واسأل الله له الهداية فإن دعاءك لأخيك في ظهر الغيب حريٌ بالإجابة لأن الملك يقول آمين ولك بمثله واهده بالتي هي أحسن فإن أبى وأصر على ما هو عليه من المعصية فإن كان يفعل المعصية بحضورك لأن طبيعة العمل تقتضي أن تكون حاضراً وهو يعمل المعصية فلا يجوز لك أن تبقى في هذا العمل لأن الجلوس مع أهل المعاصي معصية ومشاركةٌ لهم في الإثم كما قال الله تعالى (وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ) أي إن قعدتم معهم فأنتم إذاً مثلهم أما إذا كانت المعاصي التي يعملها خارج العمل التي أنت مشاركٌ له فيه فإنه لا يضيرك أن تبقى في عملك لأنك لم تشاهد المعاصي التي يفعلها ولم ترضَ بها هذا بالنسبة للنصيحة لك أما نصيحتى له فإنني أقول عليه أن يتقي الله في نفسه وأن يتوب إلى الله عز وجل لأن الله عز وجل أوجب التوبة على عباده من جميع الذنوب قال الله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتوبة إلى الله فقال النبي عليه الصلاة والسلام (توبوا إلى الله فإني أتوب إلى الله تعالى في اليوم مائة مرة) فالواجب عليه أن يقلع من الذنب ويندم عليه ويعزم على أن لا يعود إليه في المستقبل حتى تكون توبته نصوحة لئلا يفجأه الموت وهو مقيمٌ على معصيته فلا تنفعه التوبة حينئذٍ لقول الله تعالى (وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ) فالإنسان لا يدري متى يفجأه الموت فنصيحتي له ولكل مذنب مشفقٍ على نفسه أن يتوب إلى الله ويقلع عن ذنبه قبل أن لا يكون له مناص منه.