السائل يقول سمعنا قولاً بأنه يجوز قصر الصلاة لمن كان مسافراً في بلد غير بلده مهما طالت المدة ما لم ينو الاستيطان بها فنرجو توضيح هذه المسألة؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذه المسألة إذا سافر الإنسان إلى بلد غير بلده ونوى الإقامة لغرض من الأغراض فلا يخلو إما أن ينوي مدة معينة أو لا ينوى فإن لم ينو مدة معينة فإن له أن يقصر ويترخص برخص السفر مهما طالت المدة ما دام ينتظر هذا الشيء الذي جاء من أجله وأما إذا عينه بمدة فقد اختلف أهل العلم في ذلك فجمهور العلماء يحددون ذلك بمدة إما بأربعة أيام أو بخمسة عشر يوماً أو نحوها وقد ذكر النووي رحمه الله في شرح المهذب أن فيها للعلماء عشرة أقوال أو أكثر وسردها ولكن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لم يجعل لذلك حداً وقال إنه ليس في الكتاب ولا في السنة دليل على أن الإنسان إذا نوى مدة معينة انقطع بها حكم سفره بل الإنسان مسافر مادام ينتظر حاجة متى انتهت رجع إلى بلده سواء عين المدة التي يقيمها أم لم يعين لأن عمومات الكتاب والسنة تدل على ذلك فإن قوله تعالى (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا)(النساء: من الآية١٠١) عام لم يخصص الله فيه ضرباً دون ضرب وكذلك إقامات النبي عليه الصلاة والسلام مدداً مختلفة دون أن يقول للناس من أقام هذه المدة فلا يقصر يدل على أنه ليس هناك تقدير ومعلوم أن التقدير بمدة معينة يحتاج إلى توقيف وليس في المسألة نص يدل على التحديد بمدة معينة فهذا وجه اختياره رحمه الله وقد بسط فيها القول في عدة مواضع من الفتاوي التي جمعها محمد بن قاسم فمن أراد أن يطلع عليها فليطلع.