تقول بأنها فتاة توفي والدها قريباً وقد نصحها كثيرٌ من الناس بأن لا تبكي على والدها فهل بكائي تقول على والدي يضره علماً بأنه تقول في بعض المرات لا أستطيع أن أمنع نفسي من البكاء وخصوصاً إذا رأيت ثيابه وأغراضه وأذكر ما يقوم به من مساندةٍ لنا وجهونا مأجورين؟
فأجاب رحمه الله تعالى: إنه ليس عليها حرج في بكائها على أبيها لأن هذا أمرٌ فطري ولا يمكن للإنسان أن يدفعه لا سيما إذا تذكر الإنسان مصابه أو رأى شيئاً من آثاره من كتبٍ أو ثيابٍ أو مجالس أو ما أشبه ذلك ولكن الذي ينبغي للإنسان أن يعتصم بالله تبارك وتعالى وأن يتصبر ولا يكثر ذكر مصابه بمفقوده لأنه كلما أكثر تذكره تجدد الحزن والإنسان مأمورٌ بأن يطرد الأحزان عن نفسه وأن يدخل عليها السرور بقدر المستطاع أما الإنسان الذي يستجلب البكاء فهذا هو الذي ينهى عنه لا سيما إذا كان معه نياحة أو ندبة فالنياحة أن يأتي بصوت البكاء كنوح الحمام، والندبة أن يندب الميت فيقول يا أبتاه يا من يأتي إلينا بكذا ويأتي للبيت بكذا وما أشبه ذلك وإنني بهذه المناسبة أود أن أذكر إخواني المسلمين بما قد يقع وهو قليل والحمد لله في بعض الصحف تجد الكاتب يكتب عن صاحبٍ له مات فيخاطبه ويقول يا فلان يا من نستأنس به في مجالسنا يا من نخلو وإياه صباحاً ومساءً يا من يعلمنا بأحاديثه الطيبة وما أشبه ذلك وهذا من الندب المنهي عنه فينبغي للإنسان أن لا يثير الأحزان في نفسه ولا في غيره أيضاً.