المستمع ع. ط. أ. هـ. من المدينة المنورة يقول لي أخت من الأب وقد زوجها أبي من رجل بدون رضاها وبدون أخذ إذنها وهي تبلغ إحدى وعشرين سنة ووقت عقد النكاح شهد شهود زوراً بأنها موافقة ووقعت والدتها بدلاً عنها على وثيقة العقد وهكذا تم الزواج وهي لا تزال رافضة هذا الزوج مهما كانت الأسباب فما الحكم في هذا العقد وفي شهادة الشهود؟
فأجاب رحمه الله تعالى: هذه الأخت لك إن كانت بكراً وأجبرها أبوها على الزواج بهذا الرجل فقد ذهب بعض أهل العلم إلى صحة النكاح ورأوا أن للأب أن يجبر ابنته على الزواج بمن لا تريد إذا كان كفأً ولكن القول الراجح في هذه المسألة أنه لا يحل للأب ولا لغيره أن يجبر المرأة على التزوج بمن لا تريد وإن كان كفأً لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تنكح البكر حتى تستأذن) وهذا عام لم يستثن منه أحد من الأولياء بل قد ورد في صحيح مسلم (البكر يستأذنها أبوها) فنص على البكر ونص على الأب وهذا نص في محل النزاع فيجب المصير إليه وعلى هذا فيكون إجبار الرجل ابنته على أن تتزوج بشخص لا تريد الزواج منه يكون محرماً والمحرم لا يكون صحيحاً نافذاً لأن إنفاذه وتصحيحه مضاد لما ورد فيه من النهي وما نهى الشرع عنه فإنه يريد من الأمة ألا تتلبس به أو تفعله ونحن إذا صححناه فمعناه أننا تلبسنا به وفعلناه وجعلناه بمنزلة العقود التي أباحها الشارع وهذا أمر نهى الشرع وعلى هذا القول الراجح يكون تزويج والدك ابنته هذه بمن لا تريد يكون تزويجاً فاسداً والعقد فاسد فيجب النظر في ذلك من قبل المحكمة أما بالنسبة لشاهد الزور فإن هذا والعياذ بالله قد فعل كبيرة من كبائر الذنوب كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال (ألا أخبركم بأكبر الكبائر - فذكرها - وكان متكأً فجلس ثم قال ألا وقول الزور ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قالوا ليته سكت) فهؤلاء المزورون عليهم أن يتوبوا إلى الله عز وجل وأن يقولوا كلمة الحق وأن يبينوا للحاكم الشرعي أنهم قد شهدوا زوراً وأنهم راجعون في شهادتهم هذه وكذلك الأم حيث وقعت عن ابنتها كذباً فإنها آثمة بذلك وعليها أن تتوب إلى الله عز وجل وألا تعود لمثل هذا.