للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أرشدونا إلى ما تحصل به المتابعة وعدم شرود الذهن في الصلاة؟]

فأجاب رحمه الله تعالى: أما ما تحصل به المتابعة للإمام وعدم شرود الذهن في الصلاة فإن ذلك يكون باستحضار الإنسان عظمة الله عز وجل الذي هو الآن واقف بين يديه يناجيه فإن الإنسان في صلاته يناجي ربه كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قال (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) قال الله تعالى حمدني عبدي وإذا قال (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) قال الله أثنى علي عبدي وإذا قال (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) قال الله تعالى مجدني عبدي وإذا قال (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) قال الله تعالى هذا بيني وبين عبدي نصفين وإذا قال (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) قال الله تعالى هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) فتجد الآن أن العبد كلما قال كلمة أجابه الله تعالى وهذه هي مناجاة وحينئذ يحضر قلب المرء إذا شعر هذا الشعور كذلك من أسباب عدم شرود الذهن أن يتتبع الإنسان ما يقوله أو يفعله ويتدبر المعاني العظمية التي من أجلها شرع هذا القول أو هذا الفعل ففي حال الركوع مثلاً شرع الركوع لتعظيم الإنسان ربه بفعله وقوله ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام (أما الركوع فعظموا فيه الرب) فالانحناء له تعظيم بالفعل وقول سبحان ربي العظيم تعظيم له بالقول بقي أن يعظمه الإنسان بالقلب وهذا لا يحصل إلا بحضور القلب ففي الركوع تعظيم قولي وفعلي وقلبي لكن الذي يغيب كثيراً عن الإنسان هو التعظيم القلبي وكذلك أيضاً في السجود إذا سجد فإنه قد وضع أعلى ما فيه وهو الجبهة في أسفل شيء هو عليه حتى إن أعلاه حاذى أسفله فالقدمان والجبهة كلاهما في موضع واحد فبهذا النزول والسفول يستحضر علو الله عز وجل وأنه تبارك وتعالى فوق كل شيء على عرشه استوى ولهذا يقول في هذا السجود يقول سبحان ربي الأعلى لأنه يستشعر حينئذ أن الله تعالى فوق كل شيء بينما هو في هذه الحال قد وضع أعلى شيء في بدنه بحذاء أسفل شيء في بدنه وهو القدمان فإذا استحضر الإنسان هذه المعاني العظيمة فيما يقوله وفيما يفعله في صلاته أوجب ذلك له حضور القلب فإن أبى عليه الشيطان إلا أن يوسوس له فإن النبي عليه الصلاة والسلام أرشد إلى أن يتفل الإنسان عن يساره ثلاث مرات يقول أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فليفعل الإنسان هذا فإذا فعله بإيمان واحتساب أذهب الله عنه هذا الشيء.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>