جزاكم الله خيراً يقول السائل: أرى قلة من المصلىن بعد الانتهاء من الصلاة وعند الخروج يمسحون أيديهم بالجدار المحيط ببيت الرسول صلى الله عليه وسلم، ويمسحون صدورهم ووجوههم. هل هذا من البدع؟ وإذا كان من البدع أرجو النصح لمثل هؤلاء، جزاكم الله خيراً فضيلة الشيخ
فأجاب رحمه الله تعالى: نعم هذا من البدع بلا شك؛ لأنه لا يشرع مسح شيء في الدنيا من البنايات إلا مسح ركنين: الأول الحجر الأسود، والثاني: الركن اليماني، وكلاهما في الكعبة المشرفة، ولقد رأى ابن عباس رضي الله عنهما معاوية رضي الله عنه وهو يمسح جميع الأركان فأنكر عليه، فقال له معاوية: ليس شيء من البيت مهجوراً! فقال ابن عباس: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) ، وما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح من الأركان إلا الركنين- يعني بذلك: الحجر الأسود والركن اليماني-، فكف معاوية رضي الله عنه عن مسح جميع الأركان. فتجد ابن عباس رضي الله عنهما أنكر على معاوية رضي الله عنه مسح جوانب الكعبة التي لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يمسحها، فما بالك بجدران أخرى؟ والحكمة من كون الركنين اليمانيين في الكعبة يمسحان دون الركنين الآخرين: أن الركنين الآخرين ليسا على قواعد إبراهيم؛ لأن الكعبة كانت أكثر امتداداً نحو الشمال مما كانت عليه الآن، ولكن قريشاً لما أرادوا أن يعمروها قصرت بهم النفقة، فرأوا أن يبنوا هذا الجزء وأن يدعوا الجزء الآخر، واختاروا أن يكون المتروك الجزء الشمالي لأنه ليس فيه الحجر. وبذلك نعرف أن الحِجر الموجود الآن ليس كما يزعم العامة حِجر إسماعيل، فإن هذا الحِجر إنما أحدث أخيراً في عهد الجاهلية، فكيف يكون حِجراً لإسماعيل؟ لكنه يسمى الحجر والحطيم، ولا يضاف إلى إسماعيل إطلاقاً. ونصيحتي لهؤلاء القوم الذين يتمسحون بحجرة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أن يتقوا الله عز وجل، وأن يعبدوا الله بما شرعه لا بأهوائهم، فإن الله تعالى يقول:(وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتْ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ) . وكل إنسان يعبد على خلاف شريعته فإنه عمل مردود عليه، وهو آثم به إن كان عالماً بأنه مخالف للشريعة؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فيما صح عنه:(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ، وفي لفظ:(من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) أي: مردود عليه.