[السائل بكري محمد سلطنة عمان يقول فضيلة الشيخ ما حكم المدرس الذي يسافر من دولته إلى دولة أخرى للعمل هل يقصر الصلاة مدة إقامته في الدولة التي يعمل فيها أم يتم؟]
فأجاب رحمه الله تعالى: المدرس الذي يسافر إلى بلد آخر ليدرس به أو ليدرس فيه قد اختلف أهل العلم رحمهم الله في انقطاع سفره فمن العلماء من يقول إن الرجل المسافر إذا نوى إقامة أكثر من أربعة أيام وجب عليه الإتمام ولم يترخص برخص السفر لكنه لا يعتبر مستوطناً فلا تنعقد به الجمعة، ولا تجب عليه إلا بغيره فيحكمون له بحكم السفر من وجه وبحكم الإقامة من وجه آخر أو يقسمون الناس إلى ثلاثة أقسام إلى مسافر ومقيم ومستوطن وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن تقسيم الناس إلى هذه الأقسام الثلاثة مسافر ومقيم ومستوطن ليس عليه دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع. ومن العلماء من يقول إن المسافر إذا نوى إقامة خمسة عشرة يوماً أو أكثر لزمه الإتمام وما دون ذلك فهو على سفر ومنهم من يقول إذا نوى أكثر من تسع عشرة يوماً لزمه الإتمام وإن نوى دون ذلك فهو مسافر والأقوال في هذا كثيرة حدها النووي رحمه الله في المجموع شرح المهذب وبلغت أكثر من عشرين قولاً والذي يترجح عندي أنه على حسب نيته فإن كان قد نوى الإقامة المطلقة في هذا البلد الذي سافر إليه فهو مقيم ينقطع في حقه أحكام السفر ولا يجوز له القصر وأما إذا لم ينو ذلك وإنما نوى إقامة لحاجة متى انتهت رجع إلى بلده فهو مسافر سواء حدد المدة أم لم يحددها ولكني أقول إن الذي يقيم في بلد ولو يوماً وليلة أو أقل أو أكثر ولو لم ينو الاستيطان أو الإقامة المطلقة فإنه يلزمه أن يصلى مع الجماعة ولا يحل له التخلف عنها لعموم الأدلة الدالة على وجوب الجماعة وعدم وجود مخصص يخرج المسافر من الوجوب ومعلوم أنه إذا صلى مع الجماعة وإمامه يتم فإنه يلزمه الإتمام لعموم قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا) لكن لو فاتته الصلاة أو كان في بلد لا تقام فيهم الجماعة أو كان بعيداً عن المسجد ففي هذه الحال ينبني جواز قصره وعدمه على الخلاف الذي أشرنا إليه آنفاً ومع هذا لو أتم فإنه لا ينكر عليه لاختلاف العلماء في هذه المسألة.