للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحسن الله إليكم وبارك فيكم فضيلة الشيخ هذه السائلة هـ ع ج وادي الدواسر تقول ما صيغة النذر وهل النذر هو اليمين وهل إذا قلت مثلاً نذر علي أن لا أفعل كذا وبعد ذلك رجعت وفعلت هذا هل علي كفارة وهل كفارة اليمين هي كفارة النذر وأخيراً إذا قلت والله العظيم ثم قلت أستغفر الله فهل الاستغفار يلغي الحلف بالله؟

فأجاب رحمه الله تعالى: النذر ليس له صيغة معينة بل كل كلمة يفهم منها أن العبد ألزم نفسه لله تعالى بشيء فهو نذر وقد سمى الله النذر معاهدة فقال تعالى (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ) فإذا قال القائل لله علي عهد أن أفعل كذا فهو نذر أما القسم فليس إلزاماً للنفس ولكنه تأكيد للخبر ولذلك فرقوا بينه وبين النذر من عدة وجوه وأما إذا نذر الإنسان أن لا يفعل شيئاً ففعله فهذا النذر حكمه حكم اليمين كما قال العلماء رحمهم الله فإذا حنث فيه فعليه كفارة يمين وكفارة اليمين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتابعة وبالمناسبة أود أن أنبه إخواني بأن النذر مكروه أو محرم لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (نهى عنه وقال إنه لا يأتي بخير ولا يرد قضاءاً) وكثير من الناس اليوم إذا تعسر عليه الأمر يقول إن حصل كذا فلله علي نذر أن أفعل كذا وهذا غلط لأن هذا النذر لا يأتي بخير إن كان الله أراد أن يأتي بالخير لك أتاك بدون نذر وإن كان الله لم يرد ذلك فإنه لا يأتيك ولو نذرت وكثير من الناس يكون عنده المريض ويشفق عليه ويقول إن شفى الله مريضي لأصومن كل يوم اثنين أو خميس فيشفى المريض ثم لا يفي هذا الناذر بما عاهد الله عليه يثقل عليه أن يصوم كل يوم اثنين أوخميس فلا يفعل وهذا على خطر عظيم لأن الله تعالى قال في كتابه (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنْ الصَّالِحِينَ فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) نعوذ بالله يعني جعل في قلوبهم نفاقاً إلى الموت وهذا خطير جداً وإننا نسأل هذا الرجل إذا قلت لله علي نذر إن شفى الله مريضي أن أصوم الاثنين والخميس فهل هذا يوجب أن يشفى المريض لا لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال (إنه لا يرد قضاءً) هل إذا لم ينذر يوجب أن يموت الإنسان من مرضه لا يوجب هذا إن كان الله أراد لمريضك الشفاء شفاه بدون نذرك وإن كان الله لا يريد له الشفاء لم ينفعه نذرك وما أكثر الذين يذهبون إلى العلماء ويقرعون باب كل عالم ينذرون الشيء على شيء من الأشياء ثم يحصل فيندمون ويطلبون الخلاص مما نذروا وهذا يؤيد نهي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن النذر فعلى الإنسان أن يتقي الله في نفسه وأن يحمد الله على العافية وأن لا يلزم نفسه شيئاً لم يلزمه الله تعالى به أما إذا نذر ووقع النذر فإن كان نذر طاعة وجب عليه الوفاء به لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (من نذر أن يطيع الله فليطعه) وإن كان نذر معصية حرم الوفاء به لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه) لكن عليه كفارة يمين وإن كان نذرا مباحا خيِّر بين فعله وتركه فإن فعله فقد وفى بنذره وإن لم يفعله وجب عليه كفارة يمين.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>