حيث لاقى أبا جبيلة، وشكا له مظالم يهود يثرب وبين له كيف قتل فيطون ثم قال له، إننى أخاف بعد الآن من العودة إلى المدينة.
قال بعض المؤرخين:«إن مالك بن عجلان» لم يلتق فى الشام مع أبى جبيلة بل لاقى عبيد بن سالم بن مالك بن سالم من بنى سالم وعرض له فى ضميره، إلا أن هذا القول غير صحيح بالنسبة للقول الأول، لأن أبى جبيلة من أولاد جشم بن الخزرج، وقد هاجر إلى الشام لأسباب ما واكتسب ثقة الهيئة الحكومية وفرض احترامه على الناس وقد بلغ الواقعة كما جرت إلى ملك الشام وبين أنه قد أتى الوقت لتأديب يهود يثرب وتربيتهم الذين أزعجوا سكان بلاد الحجاز بما ارتكبوا من المظالم فيها. ثم أضاف ب:إذا اقتضى سوق الجيوش إلى يثرب فإننى أريد أن أقوم بخدمة صغيرة للحكومة الشامية وذلك بأن أذهب شخصيا إلى هناك، ولما كان أهل الشام أيضا منزعجين من يهود المدينة، ولما وصلت حركات فيطون الباغية المتوحشة إلى درجة الثبوت قد استصوب سوق فرقة من الجنود بناء على قول أبى جبيلة لتأديب اليهود وإسناد قيادة ذلك الجيش إلى أبى جبيلة لما له من دراية بأمور يثرب. وفعلا جهز العدد الكافى من الجنود وفوض أمرهم لأبى جبيلة، وفعلا اصطحب الجنود الذين جهزوا واتجه نحو يثرب بلا توقف، ولما أراد أن يحافظ على جنود الشام وألا يعرضهم للقتل رأى أن يباغت العدو من جهة اليمن.
وكانت هذه الخطة مبنية على إقناع الأهالى بأن جنودا أرسلوا إلى اليمن، وفعلا سار أبو جبيلة عدة أيام متجها إلى اليمن ثم غير طريقه وبعد مدة وصل إلى أرض يثرب ونصب خيامه فى موقع يقال له «ذى حرص» ودعا إليه أعيان اليهود وأعمل سيفه فى رقاب اليهود الذين استجابوا لدعوته. وقطع أنساب الرؤساء الذين سيتولون مناصب الحكومة منهم، وبناء على هذا قد تغلب أفراد قبيلة الخزرج والأوس على طوائف اليهود فى البلاد المقدسة وأصبح كل واحد منهم صاحب أملاك وأصبحت الحكومة فى أيديهم.