بعد مدة من ظهور زمزم الشريف لسقى هاجر-رضى الله عنها-كما سبق توضيحه، حدث أن مرت قبائل جرهم وهى من الأقوام اليمنية المرتحلين إلى الشام بالقرب من مكة المكرمة، وباتوا هناك حتى إن بعضهم صعدوا فوق جبل أبى قبيس ورأوا بعض الطيور.
وفى قول: إن شابين من طائفة العمالقة التى كانت تسكن فى وادى عرفات آنذاك فى خيمها، صعدا فوق الجبل المذكور للبحث عن إبلهم الضائعة، وبينما كانا يجولان رأيا بضعة طيور (١) بالوادى فتساءلا قائلين: «وجود الطيور تنبئ عن وجود ماء، يا ترى أين ذلك الماء؟ وتنقلا من جبل إلى جبل بحثا عن الماء، وإذا بهما يريان فى وسط الوادى تماما امرأة تحتضن طفلا، فاقتربا منها وأخذا يسألانها عن وقت ظهور ماء زمزم وكيف كان ظهوره بقولهما «يا أنت هل أنت من طائفة الجن»؟ أم من جميلات الجن التى تسكن هذا المكان الخالى؟ ومتى وكيف ظهر هذا الماء الجارى الذى أنت بجواره؟!.
فلما أجابت السيدة هاجر قائلة: هذا الطفل قرة عين إبراهيم خليل الله، قد أنعم الحق-سبحانه وتعالى-فأجرى هذا الماء الذى يمنح الحياة إكراما لماء وجهه.
وقد أنبأنى بواسطة جبريل الأمين أن هذا الوادى سيصبح بعد فترة عامرا ومأهولا.
لما عرفا القصة رجواها أن تسمح لقبيلتهما بالإقامة فى هذا المكان، قالوا لها إذا أذنت لنا أن نحضر أهل قبيلتنا ليعيشوا بجوارك بعد أن يقيموا خيامهم فى هذا المكان الموحش ويشربوا من ماء الحياة هذا، ويزيلوا آلام هذا المكان وأكداره، لأن