كانت أطراف المطاف الشريف إلى سنة (٦٤) هجرية ساحة رملية وفى نفس السنة فرش عبد الله بن الزبير. الجهات الأربعة للمطاف بالأحجار الباقية بعد تجديد البيت الحرام بتوسيعه عشرة أذرع. وبعد ثمانى سنوات من هذا العمل هدم الحجاج الظالم الجدار الشامى الذى بناه عبد الله بن الزبير كما ذكر فى مكانه من قبل وأدخله إلى داخل الكعبة قدر ستة أو سبعة أذرع، وحتى يحفظ هذا المكان الذى خلا بالهدم من الطائفين (١) بنى ذلك الجدار الذى سبق ذكره أعلاه، وذلك فى سنة (٨٢ هـ).
وقد أدى الجدار الذى بناه الحجاج الظالم مهمته إلى سنة (٩٤١ هـ) بترميمه من حين لآخر، إلا أنه ضعف وارتج بشدة عقب السيل الفظيع الذى حدث فى سنة (١٠٣١) وحينئذ هدمه السلطان مراد الرابع إلى أساسه وبناه من جديد.
وجدده السلطان عبد المجيد فى خلال سنة (١٢٦٢ هـ) على أكمل صورة.
كان سطح داخل الحطيم الكريم مفروشا بحجارة سوداء صغيرة إلى عهد أبى جعفر المنصور. وفى سنة ١٣٩ هـ حينما حج أبو جعفر تأثر حينما شاهد حجارة جدران الحطيم، وكذلك أرضيته فى الداخل والخارج غير منظمة وفى حالة سيئة، استدعى زياد بن عبد الحارث والى مكة وقال له: إن هذا الجدار قد بنى بحجارة عادية وإننى أريد أن يفرش هذا الموقع المبارك فى هذه الليلة بحجارة رخامية لامعة منتظمة وابدءوا ما أريد لأننى سأتى غدا صباحا لمعاينته.
وأحضر زياد بن عبد الله عددا كبيرا من العمال والحجّارين، وتحت ضوء المشاعل والقناديل قد جدد الجدار ثم الأرضية حاملا العمال على بذل الجهود المضنية حتى الصباح، وانتزع الحجارة السوداء التى أراد أبو جعفر المنصور تغييرها، وفرش الأرضية بقطع الرخام المجلوة، وفى سنة (١٤١ هـ) وبعد عشرين سنة من تجديد أبى جعفر أمر المهدى العباسى فانتزعت الحجارة التى فى داخل
(١) لما كان هذا المكان من داخل كعبة الله فالمرور عند الطواف من خلال هذا المكان يفسد الطواف.