للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كان الموقف الصعب الذى بدر من عبد المطلب قد أثار قلق قريش، واضطربوا وتوترت نفوسهم وقالوا: نحن غير راضين من هذا الأمر، وعلينا أن نبحث عن حل حتى لا يصبح ما يريد أن يقوم به عبد المطلب عادة متبعة بيننا.

لذا استفسروا رأى الكاهنة سجاح (١) العاقلة والتى تقيم فى بلاد خيبر.

وسجاح هذه كانت كاهنة لها صلة بطائفة الجن وفق اعتقاد أهل الجاهلية وتستعين بهم؛ ولهذا فقد فهمت ما فى ضمير مبعوثى قريش، وقالت لهم سأسأل الطائفة التى أتبعها فى هذا الأمر وسأخبركم بالجواب الذى سأتلقاه منها.

ورجع رجل قريش إلى محل إقامتهم وقد اعتراهم اليأس ثم رجعوا إلى سجاح مرة ثانية فى اليوم التالى.

وقد سألتهم سجاح فى هذه المرة قائلة: ما مقدار الرجل عندكم؟ فأجابوا عشر من الإبل، فقالت لهم: أحضروا عشرا من الإبل واضربوا القداح على اسم عبد الله، وعلى اسمها فإن خرجت على صاحبكم فزيدوا من الإبل حتى يرضى ربكم، وإن خرجت على الإبل فانحروها عنه فقد رضى ربكم ونجا صاحبكم ورجع وفد قريش إلى موطنهم.

[تعريف الكهانة]

كهنة: جمع كلمة كاهن وتعنى المشتغل بمعرفة الفأل أو الطالع.

كان من عادات أهل الجاهلية العمل وفق ما يقوله الكهنة وكان الكهنة يزعمون أنهم على صلة بالشياطين، ويستقون منهم الأخبار المتنوعة ويخبرون بها من يلجأ إليهم. وقد ادعى بعض الكهنة أنهم يستخدمون خدما من طائفة الجن وأنهم يتلقون منها أخبار الغيب.

ولكن الآية الكريمة حسمت هذا الموضوع عند ما أخبرتنا {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ} (النمل:٦٥) بمعنى أن الجن لا يمكنهم أن


(١) يروى كذلك أن اسمها قطية.

<<  <  ج: ص:  >  >>