جمع عبد الله بن الزبير الأعيان وعظماء الناس من مكة عقب الحرب، وذكرهم بأنه يأمل أن يعالج ما تهدم من أبنية الكعبة ويجددها-كما ذكرهم بحديث بانى أركان الشريعة الرصينة عليه أكمل التحية إذ قال لعائشة-رضى الله عنها- «يا عائشة لو لم يكن قومك قريبى العهد بالجاهلية لهدمت أبنية بيت الله وجعلت للبيت بابين يفتح أحدهما على الشرق والآخر على الغرب، وأدخلت إلى بيت الله من الحجر مقدارا ما طوله ستة أذرع أى ثمانية أقدام»(حديث شريف) وبما أن مال قريش الحلال لم يكف لإدخال الحجر فى البناء عند ذلك الوقت تركوه خارج البيت، ثم قال لها تعال أريك الجزء الذى أبقوه خارج البيت ثم أخذها إلى تحت الميزاب وقال: هذا هو المكان وأشار إلى مكان حجر إسماعيل ما مقداره سبعة أذرع أى ٩ أقدام و ١١ بوصة، ثم قال عبد الله للمجتمعين إنما أردت أن أبين لكم أن النبى-صلى الله عليه وسلم-أجاز تجديد الكعبة، وفى نفس الوقت أردت أن أبحث الموضوع معكم وأستشيركم. وكلكم تعرفون أن الحجر الأسود (١) قد تحطم من أثر ضربة بحجارة حصين النارية وألصق بالفضة المذابة، كما أخذت حجارة جدران كعبة الله تتساقط من جميع الجهات.
وبهذه الكلمات البليغة ابتدأ عبد الله باستفسار رأى عظماء الحاضرين ثم أخرج الحجر الأسود من مكانه ووضعه فى صندوق بعد أن لفه فى قطعة من الديباج، وأغلق الصندوق بقفل وحفظه فى دار الندوة، كما أمر أن تحفظ الهدايا الموجودة فى خزانة الكعبة فى دار شيبة بن عثمان.
(١) تحطم الحجر الأسود ثلاث قطع، أخذ بنو شيبان قطعة ليحفظوها عندهم ثم استردها عبد الله منهم، وألصقها بالقطعتين الأخريين ثم عالج أطراف الحجارة بمادة تشبه الجبس ليحافظ على تماسكها هى والقطعة الثالثة التى ألصقت فى الجهة العليا من الحجر الأسود الآن.