وبما أن الشيخ عبد الرحمن سراج كان محبا للخير لم يقتنع بتعمير وتطهير مجرى عين زبيدة؛ بل امتد عمله إلى إجراء زمزم الشريف الذى كان يستعمل فى داخل الحرم الشريف إلى محل بعيد عن الحرم، لأن المجرى الكبير المديد الذى أنشئ فى صدر الإسلام أصابه التلف والخراب مع مرور العصور، فرممه على أحسن وجه وعمره، ثم عمر وسوى الأماكن التى فى حاجة لذلك فى خارج الحرم وداخله وبهذا خدم الجماعة الإسلامية أعظم خدمة.
وكان الشيخ عبد الرحمن سراج كما يروى يشرف بنفسه على العمال، وكان يرجوهم أن يقوموا بأعمالهم على أحسن وجه حتى يتم العمل فى متانة ورصانة ويوصيهم بذلك، واستطاع أن ينتهى سواء من مجرى زمزم أو المواقع الأخرى فى ظرف ثلاثة أشهر أو أربعة مستخدما يوميا ما بين مائتى عامل أو ثلاثمائة منهم .. ألا فليرض الله - سبحانه وتعالى - عنه وليوفقه فى القيام بأعمال خير أخرى.
وبعد سنتين من إصلاح الشيخ عبد الرحمن سراج الهندى للمجرى المذكور قدم غنى أفندى من حكام الولايات فى الهند مبلغا قدره (٤٠٠٠) ليرة عثمانية وذلك من أجل إتمام تعمير وتعميق المجرى المذكور، وقد حفظ هذا المبلغ فى خزينة المديرية للإنفاق منه حينما تستدعى الحاجة وذلك فى عام ١٢٩٧.
[آخر تعمير لعين زبيدة]
وقد رمم مجرى عين زبيدة فى عهد والى مصر محمد باشا كما سبق ذكره آنفا، إلا أن هذا التعمير كان جزئيا يشبه إصلاح الطرق هنا وهناك.
قد تهدمت مجارى الماء بسبب السيول التى تتعاقب بكثرة فى البلاد الحجازية نتيجة لخصائص جو هذه البلاد، واحتاجت إلى تعمير شامل ولكن انشغال أولياء أمور الدولة بهمومها المتوالية حال دون الاهتمام بمصالح أمور الحجاز لذا لم يعمر مجرى عين زبيدة فترة طويلة، وبقاء المجارى دون تعمير بعد تهدمها تدريجيا وترك العقود والدعائم دون ترميم أدى إلى نقص المياه يوما بعد يوم، وهى قوام حياة الأهالى.