للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصورة الأولى

فى ذكر صورة طرح وتأسيس مسجد السعادة على صاحبه أفضل التحية.

سكن مؤسس مبانى أركان الدين الرصين-عليه سلام الله المعين-فى البيت الذى يملكه أبو أيوب الأنصارى-رضى الله عنه-ما يقرب من سبعة أشهر، أقام فيه متعبدا وبعد ذلك استدعى أصحاب الساحة التى بركت فيها الناقة ذات الصفات الممدوحة «القصواء» فى المكان الأول لوح لهم قائلا «إذا كنتم ترغبون فى بيع هذه الحظيرة لاشتريتها لأبنى عليها مسجدا»،وبهذه البراعة بين لهم أنه يفكر فى شراء تلك الساحة، فعرض عليه «سهل وسهيل» سالفا الذكر ابنا رافع بن أبى عمرو بن عائذ بن ثعلبة بن غنم بن مالك أن يتفضل بقبول تلك الساحة بدون ثمن، ورجوا النبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك وأصرا ولكن النبى صلى الله عليه وسلم لم يستصوب أن يأخذ تلك الساحة مجانا لأن صاحبيها كانا أطفالا، فجلب معاذ بن عفراء-وعلى قول آخر أسعد بن زرارة (١) -وأعطى له عشر قطع ذهبية (٢) ليسلمها لهما.

كانت هذه الساحة مقبرة فى أيام جاهلية العرب، وبيعت فيما بعد وانتقلت من يد لأخرى حتى انتقلت لملكية ابنى رافع بن عمرو، ولم تكن تلك الساحة مستوية الأرض، لذا قد تكونت عليها بعض مياه الأمطار وتراكمت على شكل مياه البرك، فأمر النبى صلى الله عليه وسلم بتسطيح الأرض، وبعد إعداد لوازم البناء أرسى أساس المسجد، وفى العام الثانى الهجرى أكمل البناء فى شهر صفر الخير وسقفه بجريد النخل.

وكان لذلك المسجد الذى أسسه معمار ديوان الشريعة-عليه أفضل التحية- محراب واحد وثلاثة أبواب. وكان المحراب الشريف المذكور متجها إلى بيت


(١) الراجح أنه أسعد بن زرارة، إذ كان الغلامان يتيمين فى حجره، وكان أسعد بن زرارة يصلى فيه ويجمع قبل مقدم الرسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة انظر-:إعلام الساجد، ص ٣٢٣.
(٢) وكانت هذه القطع الذهبية ثمن تلك الساحة فدفعها الصديق الأكبر على أنها من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>