للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صنعه النماردة بوحى شيطانى، وكان عمر سيدنا الخليل-آنذاك-قد تجاوز السابعة عشرة. وفى قول آخر التاسعة والعشرين.

وعند ما أراد النماردة-المشركين-أن يجردوه من لباسه الذى يستخدمه كسروال داخلى لجسمه الشريف، ليكشفوا عورته للنيران شلت الأيدى التى امتدت للباسه الشريف. ولم تتحرك، وجاء النمرود وهو فى غمار هذه الحال التى تبعث الدهشة واستدعى حضرة الخليل-على نبينا وعليه التبجيل-وقال له:

يا إبراهيم إننى سألقى بك فى هذه النار فلترى إلى أى إله ستتضرع وينجيك؟ فلما أجاب ربى الذى يحيى ويميت. واستدعى اثنين من المحكوم عليهما بالقتل، فعفا عن أحدهما وأطلقه، وقتل الآخر، كأنه يقول أنا أحيى وأميت مثل ربك.

وعند ما ما تلقى سيدنا إبراهيم هذا الرد الذى يوحى بالبلاهة تعجب من حماقة النمرود وبمقتضى المثل عديم المثيل قال: إن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، فسكت النمرود ولم يستطع الرد، وبهت.

ولكن النمرود المغرور العاتى العنيد لم يتعظ‍ من هذا الحوار وأمر بإلقاء إبراهيم فى النار المشتعلة الملتهبة.

وفى نفس اللحظة جاء ملكان وأمسكا بحضرة الخليل من جانبيه وأنزلاه وسط‍ النار بمنتهى الهدوء والوقار. وجاء جبريل-عليه السلام-بخلعة من خزانة الجنة وألبسها له. وأعد-بأمر الخالق-بساطا مزركشا لا مثيل له وفرشه فى المكان الذى سيقيم فيه ونمت خمائل كثيرة فى الجهات الأربعة، عرضها وطولها عشرون ذراعا (٢٨ قدما و ٤ بوصات).

وفى وسط‍ هذه الخميلة التى تفوق الخيال، وعلى حافة المكان الذى جلس فيه سيدنا إبراهيم كان يجرى ماء فرات يبعث الحياة.

[أبيات]

شاء النمرود الدون للخليل إحراقا ... إلا أن تلك النار أصبحت نورا براقا

<<  <  ج: ص:  >  >>