ولما كان الأشخاص الذين ذكرت أسماءهم آنفا قد عينوا لأداء وظائف سواء أكان أمناء الصرة أو مشايخ مكّة، وبعثوا لهذا الغرض فإنهم كانوا يأتون بقوافل الحجاج إلى بلاد الحجاز، ويقومون بإلقاء الخطب يوم التروية وعرفة والمزدلفة ويوم النحر وبعد يوم عرفة، وكانوا يعودون إلى مراكز السلطنة آخذين القوافل معهم. ولما كانت مهمة الخطابة والإمامة المقدسة تحال أحيانا إلى ولاة مكة المكرمة والمدينة المنورة وإدارة قوافل الحجاج للشخص الذى عين أميرا للحج؛ فكان ولاة مكة المكرمة والمدينة المنورة يقومون بالإمامة وإلقاء الخطب بأنفسهم.
وفى سنة ثلاثمائة وعشرين أحيلت خطب عرفة ويوم التروية ويوم النحر-كما سبق ذكره فيما تقدم-إلى قضاء مكة المعظمة، كما أن مشيخة مكة فوضت لعهدة عمر بن الحسين بن عبد العزيز الهاشمى فريد عصره فى الكمال والفضل. وطول مدة قيام عمر بن الحسين بن عبد العزيز بمهمة قضاء مكة وهى تمتد خمسة عشر عاما، لم يرسل شخص آخر من مقام الخلافة وتركت إدارة إمارة موكب الحج لموظف خاص بها، كما أن خدمة الإمامة والخطابة المقدسة أحيلت إلى قضاة مكة المعظمة، وقد جرت العادة بأن يختار قضاة مكة المعظمة من العلماء الفطاحل والمتبحرين فى العلوم.
وهذا النظام الجيد مازال مرعيا إلى يومنا هذا. ويقوم بأداء مهام محامل الحج فى الذهاب والعودة أمناء الصرر وأمراء الحج المعينون من قبل السلطنة السنية.
كما يقوم بإلقاء خطبة عرفة قضاة مكة والخطب الأخرى يقوم بإلقائها الأشخاص الذين لهم قدرة على ذلك مأذونين من قبل السلطات.
وقد أحيلت وظيفة إمارة الحج منذ وقت قريب لولاة الشام، وولاة الشام يسوقون المحامل التى وصلت إلى الشام إلى الحرمين وبعد عرفة يعودون مستصحبين موكب المحامل.
وإن كان الآن أمناء الصرة هم الذين يستصحبون المحمل الشريف، إلا أن إدارة قافلة الحج وحراستها منوطة بهيئة عسكرية.