وقد استمر إطعام الضيوف إلى المساء إلا أن حضرة الشريف لم يمكث إلى نهاية الطعام بجانب المائدة.
وقد تم إطعام الضيوف جماعة بعد جماعة ثم أكرم الضيوف بحضور الأمير بتقديم فنجان قهوة لهم.
وفى هذا اليوم الذى بسط فيه السماط لم يبق إنسان فى مكة إلا وأكل وشبع من هذه النعم، وبما أن هذه الضيافة تقام كل سنة من قبل شريف مكة فإن ما يصرف فيها يساوى ما كان ينفق من أجل الرفادة.
إن كل لقمة مما أعد لإطعام الناس تفوق من حيث الفخامة ما كان يقدم فى العصور السابقة عدة مرات ومع هذا فإن ما يقدم من طعام فى سماط مكة وما يقدم لجنود السلطنة والفقراء من اللحوم والأغذية فى منى لا يوافق أصول الرفادة لأن الأصول المرعية فى الرفادة إطعام الحجاج وبدون استثناء. ويجب ألا تقتصر هذه الضيافة على إطعام الفرقة العسكرية وبعض الفقراء.
ولكننا لو تذكرنا أن عدد الحجاج الواقفين على جبل الرحمة كانوا قلة قليلة فى العصر الجاهلى وكان ما يقدم لهم فى أثناء ضيافتهم التمر والزبيب فإن القيام بمثل هذا العمل غير ممكن فى عصرنا هذا.
فعدد الحجاج فى عصرنا الراهن تجاوز ثلاثمائة أو أربعمائة ألف، ومأدبة الرفادة من تمر وزبيب قد تحولت إلى أطعمة متنوعة ولحوم مطبوخة لذا فإن القيام بهذا العمل حسب أصول الرفادة فى العصر الجاهلى يكاد يكون مستحيلا وغير قابل للتنفيذ.
وبما أن مأدبة الضيافة التى أقيمت من جانب الإمارة السنية قد عمت المعايدة الرسمية وكانت سببا فى اختلاط الفقراء مع الأغنياء والوجهاء والأشراف فحسناتها زادت مرات ومرات على أصول الرفادة ونظامها.
[شكل السماط]
أصول المعايدة: يبدأ أهالى مكة المكرمة مع حلول مواسم الأعياد فى تحسين صلتهم بعضهم مع البعض، وبهذا يجددون علاقات المودة والإخاء فيما بينهم.