حكى المرحوم تقى الفاسى من مؤرخى مكة المكرمة ومن الذين شاهدوا رأى العين إقامة سماط الرفادة وكتب فى كتابه «تاريخ مكة» وقال: كانت الرفادة فى الجاهلية وفى صدر الإسلام وأوائل الدول الإسلامية من الأصول المقررة والمرعية وقد رأيت أنا أيضا إقامة موائد الرفادة. كان الطعام الذى سيقدم إلى فقراء الحجاج يطبخ فى صحراء منى السعيدة ويطعم الحجاج إلى نهاية الحج، وذلك بناء على أوامر السلاطين وقد ألغى هذا النظام فيما بعد ولكننى لا أعرف تاريخ إلغائه ولا أتذكر فى عهد من من الحكام قد ألغى.
وظلت عادة الرفادة ملغاة إلى يومنا هذا إلا أن القائمين بإمارة مكة يقومون بتوزيع مختلف أنواع الأغذية ومقدار كاف من اللحوم على جنود السلطان وخاصة الحجاج الفقراء الموجودين فى منى منذ عودتهم من المزدلفة حتى يوم توجههم إلى مكة المكرمة.
وفى الليلة الثانية للعودة من المزدلفة تقام احتفالات كبيرة أمام خيام شريف مكة ووالى الحجاز ويتم إطلاق الألعاب النارية خارج خيام المحمل الشامى والمصرى ليبعث الفرح والسرور فى قلوب الحجاج ذوى الابتهاج بمشاهدة هذه المناظر. وفى اليوم الأول من عبد الفطر يقوم شريف مكة كرما منه بمد سماط المآدب الرفيعة إلى رجال الأهالى وموظفى الدولة الموجودين وقد بلغت هذه المآدب من الفخامة ما يفوق الوصف.
وقد حضرت مأدبة سنة ١٢٨٩.قد مدت مائدة يطلق عليها «السماط» فى غرفة مستطيلة وتزينت بكل ما يمكن توفيره من أنواع الأطعمة اللذيذة والفواكه النادرة وقد جلس حولها أمير مكة ووالى المدينة والضيوف.
وكانت المائدة ترتفع عن الأرض مقدار قدم ونصف قدم وكان طولها ٣٩ قدما وكان عرضها تسعة أقدام.
وترك للمدعوين حرية اختيار الطعام الذى يرغبون فى تناوله حسب الأصول وبالتالى كان كل شخص حرا فى القيام أو الجلوس وفق رأيه.