انشغل حضرة الصديق فى زمن خلافته بحركات الردة التى ظهرت بين العربان فى شكل مفزع مخيف ولم يهتم بتجديد مسجد الرسول وتوسيعه إلا أنه أصلح وعمر بعض أماكنه، وتكاثرت فيما بعد الجماعات الإسلامية حتى أصبح المسجد الشريف لا يستوعبها، واستدعى الفاروق الأعظم فى السنة السابعة عشرة كبار المهاجرين والأصحاب وقال لهم:«إننى كنت قد سمعت من فم النبى صلى الله عليه وسلم المحسن قوله يلزم توسيع المسجد الشريف» ولما رأيت الآن بعين الافتخار والمباهاة تكاثر الجماعات الإسلامية فأرغب فى توسيع حرم ساحة المسجد الشريف وقد تلقى العموم هذا الرأى بالاستحسان وتحمسوا له، وبناء على ذلك هدم الجدار القبلى دون أن يمس جهة حجرات النبى وسحب الجدار إلى الخلف ما يقرب من عشرة أذرع ووسع مسجد السعادة بقدر استيعاب الجماعات الإسلامية التى فى عهده وأعلى جدرانه قليلا، وأعلى أخشاب سقفه مقدار ذراعين وعلى قول آخر مقدار ثلاثة أذرع، وفتح ستة أبواب اثنان منهما فى جهة باب السلام واثنان فى جهة باب جبريل والاثنان الآخران فى جهة باب النساء، كما أنه بنى جدران المسجد بحجارة منحوتة قدر ارتفاع ذراعين من الأرض.
وبناء عليه قد اكتسب مسجد السعادة فى ذلك الوقت شهرة بنظامه وانتظامه يمكن أن يقال إنه بالنسبة لزمنه أنه فوق العادة، وبلغ طول سطحه الداخلى أربعين ومائة وعمقه عشرين ومائة ذراع، وقد أضيف إلى المسجد فى هذا التعمير لتوسيعه من الجهة القبلية والشامية أرض تقترب من ثلاثين ذراعا.
قال بعض الرواة إن الجهة القبلية من المسجد النبوى كانت فى طول أحد عشر ذراعا ومن الجهة القبلية إلى الجدار الشامى كان فى امتداد ما يقرب من أربعين ذراعا، فى ذلك الوقت وعلى هذا الحساب يكون حضرة الفاروق قد أضاف