فى ذكر بيعة السابقين من الأنصار للإسلام وفى دعوة مصعب بن عمير أهل
المدينة إلى الإسلام.
بينما كان الأوس والخزرج يحاربون بعضهما كان النبى صلى الله عليه وسلم رئيس الذاكرين لنعم الله يتلاقى مع الحجاج الواردين من أقطار العالم إلى مكة المعظمة ويدعوهم إلى الإسلام الذى فيه خيرهم فى حياتهم ومعادهم ويبلغهم أحكام الشريعة، وفى السنة الحادية والخمسين من ولادته السعيدة ذهب إلى صحراء منى حتى يلتقى مع الحجاج الواردين وفق عادته وتقابل مع بعض الأشخاص من قبيلة الخزرج الذين يطلبون الهداية فى سفح جبل «ثبير».ولما عرف أنهم من قبيلة الخزرج أخذهم إلى ركن ليحدثهم قليلا ثم أخذ يبين الدين الحنيف ويعرفهم به وفق رجائهم وتلى لهم بعض الآيات الكريمة أيضا، وكان الخزرجيون يرغبون فى الدخول من قديم فى حصن الإسلام المتين، وقالوا لابد أن يكون نبى آخر الزمان الذى ينتظر اليهود ظهور نوره وأرادوا أن يسبقوا اليهود فى يثرب فى التصديق وأسلموا بلا تردد وعادوا إلى المدينة وأخذوا يذكرون اسم النبى صلى الله عليه وسلم وأوصافه فأسعدوا كل بيت وقصر.
إن الذين يقال عنهم الأنصار السابقون يعنى أول من أسلم من أهل المدينة هم هؤلاء الأشخاص الذين ذكرناهم؛ ولكن اختلف فى عددهم، بناء على أشهر الروايات تقدم فى الإسلام أسعد بن زرارة وستة أشخاص معه، ولكن عند البعض سبعة أشخاص (١) خمسة منهم من الخزرج واثنان من الأوس، رغّبهم فى سبق اليهود فى الإسلام ما سمعوه من اليهود:«إننا نبايع نبى آخر الزمان قبلكم»،لأن يهود يثرب كلما كانوا ينهزمون فى المناقشة والجدال مع قبائل
(١) انظر: تاريخ الطبرى ٣٥٣/ ٢،ابن هشام ٦٩/ ٢،ابن سعد ١٤٥/ ١/١،ابن عبد البر (الدرر) ص ٦٧. وهى بيعة العقبة الأولى.