هذا الكتاب الذى تزدان ديباجته بصفات السلطان عبد الحميد الثانى-الذى لا زال محفوفا بالتوفيق الصمدانى استوجب أن تتضمن خاتمته نبذة عن حميد صفاته وهذا ما أراه سعادة لى وفخرا وإبراء للذمة.
ما كان من سلطان مثله فى عدله
ها هى آثاره البديعة وتلك آثار السلف
بنور عدل هذا السلطان العظيم المنشور
أصبحت مرآة العالم من الظلم محرر
ولا ريب أن صفات السلطان الملكية مجتلى حكمة الله بديعة التدبير. وكيف يرتاب فى ذلك؟! وقد اعتلى العرش العثمانى وجسم الدولة الجسيمة قد أوشك على الانهيار ولكنه استطاع بمنة الله أن يضع يده على نقطة الداء بتدابيره الحكيمة وهمته الملكية وأن يشفيه ويبرئه فى مدة وجيزة فرفعت الدولة رأسها قائمة على رجليها مما جعل كبار رجال الدولة يلهجون بالشكر والحمد أمام هذه الأعمال الفجائية العظيمة فضلا على الأجانب الذين وقفوا مبهوتين مستغربين مما حدث.
وبفضل هذه التدابير الحكيمة ونتائجها المثمرة كسبت عاصمة ملكه إستانبول الأهمية السياسية وأصبحت مركزا موازنا لأوربا كلها. ونظم الجيش على نحو لم يسبق له مثيل قبل هذا. واستطاعت خزانة الدولة التى كانت تمر بأزمة مالية نتيجة للظروف السيئة أن تتخلص قليلا من مشاكلها وأن تمد يد العون لرفاهية الرعايا فى أنحاء المملكة الشاسعة كما أن بذل الجهود لتطبيق أحكام العدل فى الممالك السلطانية فى جميع أرجائها زاد من الأمن والاستقرار مما ألهج الألسنة بالشكر والعرفان وانتشرت العلوم والفنون فى جميع أطراف السلطنة وبهذا نجا أفراد الرعايا من ظلام الجهل والأمية.