للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فى ذكر أحراش المدينة المنورة]

[١ - حمى النقيع]

معنى «حمى» المكان المحفوظ‍ لرعى الدواب والنّقيع المكان كثير الماء. والحمى المعروف بالنقيع يبعد عن المدينة ثمانية وأربعين ميلا، وعلى قول ستين ميلا، وهو فى جهة اليمن وماؤه غزير وجهاته الأربعة محفوظة، وهذه الأحراش طولها ميل وعرضها كذلك.

[أحراش حمى النقيع]

تقع فى صحراء ساحرة وفضاء فرح ويحيط‍ ماء وادى العقيق بالجهات الأربعة لهذه الصحراء وتجرى بجزيرة مسموع، وينبت فيها البرسيم والنباتات التى تنمو تلقائيا كما تنبت أشواك الغرقد وستنجان التى يأكلها الجمال وسلم وعضاة من جيش أمّ غيلان وأشجار أخرى. والنخيل الذى ينمو فى موسمه والأعشاب تطول حتى إن الإنسان لا يستطيع أن يرى من يسير بينها من الفرسان راكبى الخيول، من الخارج وحصر النبى صلى الله عليه وسلم ذلك المكان لرعى خيول المسلمين فحفظه من جهاته الأربعة واستمروا على حمايتها مدة عمره كما حفظ‍ حضرة أبو بكر وفيما بعد عمر بن الخطاب هذا المكان وجعلاه مكان رعى لدواب المسلمين.

وكانت هذه المراعى إلى عصر عمر الفاروق يحدها من الجهة الشرقية حرة بنى سليم ومن الغرب تحدها مواقع رام شقراء، وبرة، ذات الصخور، بطن نقيع، ولما ضاقت مراعى المدينة عن استيعاب دواب المسلمين وسع عمر الفاروق مرعى النقيع، وقد تكاثرت خيول المسلمين وجمالهم حتى كان يساق إلى الشام والعراق أربعين ألف رأس جمل كل سنة للتجارة، وكان يربى أربعين ألف بعير لإعطائها للمشاة الذين لا يملكون الجمال فى أثناء الحرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>