قد فكر علماء الحديث فى هذا الموضوع ورتبوا هذا الحوار الذى يشتمل على السؤال والجواب:
السؤال: إذا كان الطاعون سببا فى الاستشهاد، فهل يصح أن يدعو النبى صلى الله عليه وسلم بعد دخوله إلى المدينة؟
الجواب: الطاعون عبارة عن طعن الجن، مع أن دخول الشيطان والكفار من الممنوعات من الدخول فى المدينة، وإن دخلا فلا يقدران على ضرر أحد، وهذا مما يدعو إلى الثناء والمدح للمدينة؛ لأجل ذلك دعى بعدم دخولهما، أو أن الطاعون فى المدينة لا يصل إلى شدة الطاعون الذى ظهر فى «عمواس، وجارف».
[الحكم]
مع الاحتمالات الموجودة فى هذه الإجابة ليس هناك تاريخ يخبرنا بدخول الطاعون فى المدينة، والطاعون الذى أجرى حكمه فى سنة ٧٤٩ فى جميع أرجاء البلاد العربية حتى فى مكة المكرمة لم يدخل المدينة المنورة الميمونة، انتهى.
لما كانت الحمى فى المدينة مرضا بدلا من الطاعون فلا شك فى استشهاد فيمن يموتون فيها، ومن الخطأ أن يورد إنسان فى خاطره سؤال، يا ترى ماذا كانت الحكمة فى اختيار حاذق الأنبياء صلى الله عليه وسلم علة الحمى من أجل أهل المدينة؟
عندما دعت الحاجة إلى الجهاد وحرب مشركى الحجاز وقتالهم ونزلت الآيات الجليلة تدعو إلى القتال كانت علة الحمى أضعفت الأصحاب الكرام فتفضل النبى صلى الله عليه وسلم بالدعاء لنقل الحمى إلى الجحفة، وقد أصبحت المدينة المنورة التى كانت مركز العلل والأمراض أصبحت بفضل دعاء النبى صلى الله عليه وسلم أصح بلاد الله وأصلحها، وقد اختيرت علة الحمى حتى ينال مرتبة الشهادة من لم يستشهدوا فى الجهاد وماتوا بسبب الحمى، ولم يقدر وباء الطاعون أن يدخل المدينة المنورة بعد دعاء النبى صلى الله عليه وسلم وبهذا تحقق أن دعاء النبى صلى الله عليه وسلم كان رهن الاستجابة. وإن جاء وقت لبيان آراء أطباء عصرنا فى وباء الحرمين ومناقشة هذه الآراء إلا أننا تركنا ذلك لذيل الصورة.